responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 102
فصل
وَبعد ذَلِك ذكر أَن الله تَعَالَى قَالَ لإِبْرَاهِيم لنسلك أعطي هَذَا الْبَلَد من نهر مصر النَّهر الْكَبِير إِلَى نهر الْفُرَات وَهَذَا كذب وشهرة من الشَّهْر لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَنى نَبِي إِسْرَائِيل وَهَكَذَا يَزْعمُونَ فَمَا ملكوا قطّ من نهر مصر وَلَا على نَحْو عشرَة أَيَّام مِنْهُ شبْرًا مِمَّا فَوْقه وَذَلِكَ من موقع النّيل إِلَى قرب بَيت الْمُقَدّس وَفِي هَذِه الْمسَافَة الصَّحَارِي الْمَشْهُورَة الممتدة والحضار ثمَّ دفج وغزة وعسقلان وجبال الشراه الَّتِي لم تزل تحاربهم طول مُدَّة دولتهم وتذيقهم الْأَمريْنِ إِلَى انْقِضَاء دولتهم وَلَا ملكوا قطّ من الْفُرَات وَلَا على عشرَة أَيَّام مِنْهُ بل بَين أخر حوز بني إِسْرَائِيل إِلَى أقرب مَكَان من الْفُرَات إِلَيْهِم نَحْو تسعين فرسخاً فِيهَا قنسرين وحمص الَّتِي لم يقربُوا مِنْهَا قطّ ثمَّ دمشق وصور وصيدا الَّتِي لم يزل أَهلهَا يحاربونهم ويسومونهم الْخَسْف طول مُدَّة دولتهم بإقرارهم ونصوص كتبهمْ وحاش لله عز وَجل أَن يخلف وعده فِي قدر وقيقة من سرابة فَكيف فِي تسعين فرسخاً فِي الشمَال وَنَحْوهَا فِي الْجنُوب ثمَّ فوله النَّهر الْكَبِير وَمَا فِي بِلَادهمْ الَّتِي ملكوا نهر يذكر إِلَّا الْأُرْدُن وَحده وَمَا هُوَ بكبير إِنَّمَا مَسَافَة مجْرَاه من بحيرة الْأُرْدُن إِلَى مسقطه فِي الْبحيرَة المنتنة نَحْو سِتِّينَ ميلًا فَقَط فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّمَا عَنى الله بِهَذَا الْوَعْد بني إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قُلْنَا وَهَذَا أَيْضا خطأ لِأَن هَذَا الْقدر الْمَذْكُور هَا هُنَا من الأَرْض أقل من جُزْء من مائَة جُزْء مِمَّا ملك الله عز وَجل بني إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأَيْنَ يَقع مَا بَين مصب النّيل عِنْد تنيس وَبَين الْفُرَات وَمن آخر الأندلس على سَاحل الْبَحْر الْمُحِيط وبلاد البربر كَذَلِك إِلَى آخر السَّنَد وكابل مِمَّا يَلِي الْهِنْد وَمن سَاحل الْيمن إِلَى ثغور أرمينية وأذربيجان فَمَا بَين ذَلِك وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَكيف وَهَذِه الدَّعْوَى بَاطِلَة لِأَن ذَلِك الْكَلَام بعضه مَعْطُوف على بعض فالموعودون بِملك ذَلِك الْبَلَد هم المتوعدون بِأَنَّهُم يتملكون ويعذبون فِي الْبَلَد الآخر وَقد أكْرم الله تَعَالَى بني إِسْمَاعِيل وصانهم عَن ذَلِك فوضح الْكَذِب الْفَاحِش فِي الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة وَصَحَّ أَنه لَيْسَ من عِنْد الله عز وَجل وَلَا من كَلَام نَبِي أصلا بل من تَبْدِيل وغد جَاهِل كالحمار بلادة أَو متلاعب بِالدّينِ وفاسد المعتقد ونعوذ بِاللَّه من الخذلان
فصل
وَمِنْهَا أَن الله تَعَالَى قَالَ لإِبْرَاهِيم أَنا الله الَّذِي أخرجتك من أتون الكردانيين لأعطيك هَذَا الْبَلَد حوراً فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم يَا رب بِمَاذَا أعرف أَنِّي أرث هَذَا الْبَلَد
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ حاشى لله أَن يَقُول إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرَبه هَذَا الْكَلَام فَهَذَا كَلَام من لم يَثِق بِخَبَر الله عز وَجل حَتَّى طلب على ذَلِك برهاناً فَإِن قَالَ قَائِل جَاهِل فَفِي الْقُرْآن أَنه قَالَ رب كَيفَ تحي الْمَوْتَى وَأَن زَكَرِيَّا قَالَ لله تَعَالَى إِذْ وعده بِابْن يُسمى يحيى رب اجْعَل لي آيَة قُلْنَا بَين المراجعات الْمَذْكُورَة فرق كَمَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب أما طلب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام رُؤْيَة إحْيَاء الْمَوْتَى فَإِنَّمَا طلب ذَلِك لِيَطمَئِن قلبه المنازع لَهُ إِلَى

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست