responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 144
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

وَهِي هَل الرّوح قديمَة أَو محدثة مخلوقة
وَإِذا كَانَت محدثة مخلوقة وَهِي من أَمر الله فَكيف يكون أَمر الله مُحدثا مخلوقا وَقد أخبر سُبْحَانَهُ أَنه نفخ فِي آدم من روحه فَهَذِهِ الْإِضَافَة إِلَيْهِ هَل تدل على أَنَّهَا قديمَة أم لَا وَمَا حَقِيقَة هَذِه الْإِضَافَة فقد أخبر عَن آدم أَنه خلقه بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه فأضاف الْيَد وَالروح إِلَيْهِ إِضَافَة وَاحِدَة
فَهَذِهِ مَسْأَلَة زل فِيهَا عَالم وضل فِيهَا طوائف من بنى آدم وَهدى الله اتِّبَاع رَسُوله فِيهَا للحق الْمُبين وَالصَّوَاب المستبين فأجمعت الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم على أَنَّهَا محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مُدبرَة هَذَا مَعْلُوم بالاضطرار من دين الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم كَمَا يعلم بالاضطرار من دينهم أَن الْعَالم حَادث وَأَن معاد الْأَبدَان وَاقع وَأَن الله وَحده الْخَالِق وكل مَا سواهُ مَخْلُوق لَهُ وَقد انطوى عصر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم وهم الْقُرُون الْفَضِيلَة على ذَلِك من غير اخْتِلَاف بَينهم فِي حدوثها وَأَنَّهَا مخلوقة حَتَّى نبغت نَابِغَة مِمَّن قصر فهمه فِي الْكتاب وَالسّنة فَزعم أَنَّهَا قديمَة غير مخلوقة وَاحْتج بِأَنَّهَا من أَمر الله وَأمره غير مَخْلُوق وَبِأَن الله تَعَالَى أضافها إِلَيْهِ كَمَا أضَاف إِلَيْهِ علمه وَكتابه وَقدرته وسَمعه وبصره وَيَده وَتوقف آخَرُونَ فَقَالُوا لَا نقُول مخلوقة وَلَا غير مخلوقة
وَسُئِلَ عَن ذَلِك حَافظ أَصْبَهَان أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فَقَالَ أما بعد فَإِن سَائِلًا سَأَلَني عَن الرّوح الَّتِي جعلهَا الله سُبْحَانَهُ قوام نفس الْخلق وأبدانهم وَذكر أَن أَقْوَامًا تكلمُوا فِي الرّوح وَزَعَمُوا أَنَّهَا غير مخلوقة وَخص بَعضهم مِنْهَا أَرْوَاح الْقُدس وَأَنَّهَا من ذَات الله قَالَ وَأَنا أذكر اخْتِلَاف أقاويل متقدميهم وَأبين مَا يُخَالف أقاويلهم من الْكتاب والأثر وأقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأهل الْعلم وأذكر بعد ذَلِك وُجُوه الرّوح من الْكتاب والأثر وأوضح خطأ الْمُتَكَلّم فِي الرّوح بِغَيْر علم وَأَن كَلَامهم يُوَافق قَول جهم وَأَصْحَابه فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَن النَّاس اخْتلفُوا فِي معرفَة الْأَرْوَاح ومحلها من النَّفس
فَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح كلهَا مخلوقة وَهَذَا مَذْهَب أهل الْجَمَاعَة والأثر وَاحْتَجُّوا بقول النَّبِي الْأَرْوَاح جنود مجنده فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف والجنود المجندة لَا تكون إِلَّا مخلوقة
وَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح من أَمر الله أُخْفِي الله حَقِيقَتهَا وَعلمهَا عَن الْخلق وَاحْتَجُّوا بقول الله تَعَالَى {قل الرّوح من أَمر رَبِّي}

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست