responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 145
وَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح نور من أنوار الله تَعَالَى وحياة من حَيَاته واحتجت بقول النَّبِي إِن الله خلق خلقه فِي ظلمَة وَألقى عَلَيْهِم من نوره ثمَّ ذكر الْخلاف فِي الْأَرْوَاح هَل تَمُوت أم لَا وَهل تعذب مَعَ الأجساد فِي البرزخ وَفِي مستقرها بعد الْمَوْت وَهل هِيَ النَّفس أَو غَيرهَا
وَقَالَ مُحَمَّد بن نصر المروزى فِي كِتَابه تَأَول صنف من الزَّنَادِقَة وصنف من الروافض فِي روح آدم مَا تأولته النَّصَارَى فِي روح عِيسَى وَمَا تَأَوَّلَه قوم من أَن الرّوح انْفَصل من ذَات الله فَصَارَ فِي الْمُؤمن فعبد صنف من النَّصَارَى عِيسَى وَمَرْيَم جَمِيعًا لِأَن عِيسَى عِنْدهم روح من الله صَار فِي مَرْيَم فَهُوَ غير مَخْلُوق عِنْدهم
وَقَالَ صنف من الزَّنَادِقَة وصنف من الروافض أَن روح آدم مثل ذَلِك أَنه غير مَخْلُوق وتأولوا قَوْله تَعَالَى {ونفخت فِيهِ من روحي} وَقَوله تَعَالَى {ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه} فزعموا إِن روح آدم لَيْسَ بمخلوق كَمَا تَأَول من قَالَ إِن النُّور من الرب غير مَخْلُوق قَالُوا ثمَّ صَارُوا بعد آدم فِي الْوَصِيّ بعده ثمَّ هُوَ فِي كل نَبِي ووصى إِلَى أَن صَار فِي على ثمَّ فِي الْحسن وَالْحُسَيْن ثمَّ فِي كل وصّى وَإِمَام فِيهِ يعلم الإِمَام كل شَيْء وَلَا يحْتَاج أَن يتَعَلَّم من أحد
وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين أَن الْأَرْوَاح الَّتِي فِي آدم وبنيه وَعِيسَى وَمن سواهُ من بنى آدم كلهَا مخلوقة لله خلقهَا وأنشأها وَكَونهَا واخترعها ثمَّ أضافها إِلَى نَفسه كَمَا أضَاف إِلَيْهِ سَائِر خلقه قَالَ تَعَالَى وسخر لكم مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية روح الْآدَمِيّ مخلوقة مبدعة بإتفاق سلف الْأمة وأئمتها وَسَائِر أهل السّنة وَقد حكى إِجْمَاع الْعلمَاء على أَنَّهَا مخلوقة غير وَاحِد من أَئِمَّة الْمُسلمين مثل مُحَمَّد ابْن نصر المروزى الإِمَام الْمَشْهُور الَّذِي هُوَ من أعلم أهل زَمَانه بِالْإِجْمَاع وَلَا اخْتِلَاف وَكَذَلِكَ أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة قَالَ فِي كتاب اللَّفْظ لما تكلم على الرّوح قَالَ النسم الْأَرْوَاح قَالَ وَأجْمع النَّاس على أَن الله تَعَالَى هُوَ فالق الْحبَّة وبارىء النَّسمَة أَي خَالق الرّوح وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق ابْن شاقلا فِيمَا أجَاب بِهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة سَأَلت رَحِمك الله عَن الرّوح مخلوقة هِيَ أَو غير مخلوقة قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا يشك فِيهِ من وفْق للصَّوَاب أَن الرّوح من الْأَشْيَاء المخلوقة وَقد تكلم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة طوائف من أكَابِر الْعلمَاء والمشايخ وردوا على من يزْعم إِنَّهَا غير مخلوقة وصنف الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي ذَلِك كتابا كَبِيرا وَقَبله الإِمَام مُحَمَّد بن نصر المروزى وَغَيره وَالشَّيْخ أَبُو سعيد الخراز وَأَبُو يَعْقُوب النَّهر جوري وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَقد نَص على ذَلِك الْأَئِمَّة الْكِبَار وَاشْتَدَّ نكيرهم على من يَقُول ذَلِك فِي روح عِيسَى ابْن مَرْيَم فَكيف بِروح

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست