responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 401
يقول: بقيت بمصر متبرماً بها فلا أسير عنها متقدماً ولا متأخراً.
وملّني الفراش وكان جنبي ... يملّ لقاءه في كلّ عام
يقول: طال نومي على الفراش حتى مل الفراش مني، وكان جنبي إذا لقي الفراش في عام مرةً واحدة مل منه.
قليلٌ عائدي، سقمٌ فؤادي ... كثيرٌ حاسدي، صعبٌ مرامي
رفع هذا كله ليخبر أنه على هذه الأوصاف في الحال دون ما مضى، إذ لو أراد الماضي لنصب على الحال من يمل لقاءه.
عليل الجسم ممتنع القيام ... شديد السّكر من غير المدام
المدام: الخمر. والسكر من غير مدام عبارة عن الشدة وعظم المحنة. وهذا من قوله تعالى: " وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمَ بِسُكَارَى ".
وزائرتي كأنّ بها حياءً ... فليس تزور إلاّ في الظّلام
عنى بالزائرة: الحمى، كأنها تستحي من أن تزور بالنهار، فتأتيني في الظلام؛ لفرط حيائها.
بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها، وباتت في عظامي
المطارف: أردية من الخز، معلمة الأطراف، الواحد مطرف، بضم الميم. والحشايا: جمع حشية.
يقول: فرشت لهذه الزائرة الفرش الحسنة فكرهت أن تبيت عليها، ولم تقنع بها، فوصلت إلى عظامي وباتت فيها.
يضيق الجلد عن نفسي وعنها ... فتوسعه بأنواع السّقام
عنها: أي عن الزائرة.
يقول: جلدي يضيق عن احتمال نفسي واحتمال الحمى، فوسعت الحمى جلدي؛ بأن أذابته وأكلت لحمي ليتسع لها!
إذا ما فارقتني غسّلتني ... كأنّا عاكفان على حرام
يعني: أنه كان يعرق عرقاً شديداً إذا أقلعت عنه الحمى.
يقول: إن هذه الزائرة إذا فارقتني غسلتني بالعرق، فكأنا كنا مقيمين على حرام، فغسلت له.
وخص الحرام لأن الزائرة تكون أجنبية دون زوجته.
كأنّ الصّبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعةٍ سجام
يقول: إذا جاء الصبح فارقتني هذه الزائرة، فكأن الصبح يطردها عني بعد ما ألفتني، فتدمع عينها جزعاً من ألم الفراق.
جعل عرقه دمعاً يسيل من أجفانها. وقوله: بأربعة سجام يعني: أن الدمع كان يجري من طرفي العين الذي يلي الأنف والأصداغ، وكذلك من العين الأخرى، فهذه أربعة مجار. وسجام: أي جارية.
أراقب وقتها من غير شوقٍ ... مراقبة المشوق المستهام
يقول: أنا أنتظر وقت زيارتها، كما ينتظر العاشق وقت زيارة حبيبه، وليس ذلك من شوق مني إليها.
ويصدق وعدها والصّدق شرٌّ ... إذا ألقاك في الكرب العظام
وروى: تصدق يعني: أن الزائرة تصدق وعدها. والأول أولى.
يقول: هي صادقة الوعد، وليتها تخلف وعدها فإن الصدق إذا كان يؤدي إلى المحن العظام فهو مذموم.
أبنت الدّهر عندي كلّ بنتٍ ... فكيف وصلت أنت من الزّحام؟!
بنت الدهر: هي الداهية.
يقول للحمي: يا بنت الدهر، كيف وصلت إلي مع ازدحام حوادث الدهر علي وتراكم الدواهي؟!
جرحت مجرّحاً لم يبق فيه ... مكانٌ للسّيوف ولا السّهام
يقول للحمي: جرحت مني بدناً مجرحاً، قد عمته الجراحات، فليس فيه موضع صحيح تجرحه السيوف والسهام.
ألا يا ليت شعر يدي أتمسى ... تصرّف في عنانٍ أو زمام
يقول: ليت يدي عرفت، هل تتمكن من التصرف في عنان فرسي، أو زمام ناقتي بعدها؟ عند رحيلي من مصر ومفارقتي الأسود.
وهل أرمي هواي براقصاتٍ ... محلاّة المقاود باللّغام
اللغام: الزبد الذي يخرج من فم البعير. والراقصات: الإبل السريعة.
يقول: ليتني علمت: هل أرتحل من مصر وأقصد إلى ما أهواه بإبل راقصات قد سال لعابها على مقاودها فصار عليها كالحلية.
فربّتما شفيت غليل صدري ... بسيرٍ أو قناةٍ أو حسام
يقول ربما شفيت نفسي ووصلت إلى مرادي إما بسير إليه وإما بسيف أو رمح.
وضاقت خطّةٌ فخلصت منها ... خلاص الخمر من نسج الفدام
نسج الفدام: خرقة من الإبريسم تشد على فم الإبريق لتصفي الشراب.
يقول: ربما ضاقت على حالة فتخلصت منها بألطف وجه، فزدت عند ذلك شرفاً، وزادت أخلاقي تهذيباً، وجوهري صفار ورونقاً، كما أن الخمر إذا خلصت من الفدام ازدادت صفاءً ورونقاً وقريب منه قول الآخر:
ما تعتريني من خطوب ملمّةٍ ... إلاّ تشرّفني وتعظم شاني
وفي ذكر الفدام قول المطرز البغدادي:

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست