responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 402
وقبلةٌ هي الخم ... ر إلاّ أنّها بفدام
وفارقت الحبيب بلا وداعٍ ... وودّعت البلاد بلا سلام
يقول: ربما فارقت حبيبي من غير وداع، وربما خرجت من البلاد ولم أسلم على أهلها سلام الوداع. يعني: أنه هرب من أشياء كرهها وتخلص من أمور عافها مرات كثيرة، فكذلك مفارقته مصر لا يتعذر عليه.
يقول لي الطّبيب: أكلت شيئاً ... وداؤك في شرابك والطّعام
يقول: إذا رآني الطبيب متغير الحال قال: قد أكلت شيئاً ضرك، فاحتم فإن ذلك من الطعام والشراب.
وما في طبّه أنّى جوادٌ ... أضرّ بجسمه طول الجمام
الجمام: الراحة.
يقول: إن الطبيب لا يعلم أن مرضي من طول مقامي بمصر، وتركي لما هو عادتي من السفر، كما أن الفرس إذا تعود السير عليه، وتحمل الكد والنصب، ثم طال مقامه على الجمام، أضر به ذلك.
تعوّد أن يغبّر في السّرايا ... ويدخل من قتامٍ في قتام
يغبر: أي يثير الغبار.
يقول: مثلي مثل فرس يدخل من غبار إلى غبار.
فأمسك لا يطال له فيرعى ... ولا هو في العليق ولا اللّجام
العليق: ما يعلق على الفرس.
يقول: أنا مثل فرس جواد تعود القتال، ثم حبس في مكان فلا يرخي له الحبل حتى يرعى بنفسه، ولا يعلق عليه ما يأكله، ولا عليه لجام! فكذلك أنا عند كافور: لا يأذن لي في الرحيل، ولا يكفيني مؤنة المقام.
فإن أمرض فما مرض اصطباري ... وإن أحمم فما حمّ اعتزامي
يقول: إن أمرض فصبري صحيح لم يمرض، وعزمي لم يتغير عما عهدته، فهذا المرض يزول، ويعود إلى الصحة جسمي.
وإن أسلم فما أبقى ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام
يقول: إن سلمت الآن من مرضي فلا خلود في الدنيا، ولكن آخر أمري الموت، فكأني نجوت من موت معجل إلى موت مؤجل.
تمتّع من سهادٍ أو رقادٍ ... ولا تأمل كرىً تحت الرّجام
الرجام: القبور، واحدها رجم.
يقول: تمتع في هذه الدنيا من النوم واليقظة، ولا تطمع في النوم ولذته إذا صرت إلى القبر.
فإنّ لثالث الحالين معنىً ... سوى معنى انتباهك والمنام
يقول: إن الموت حالة ثالثة سوى النوم والانتباه، وليس فيه شيء من اللذة التي ترجى في اليقظة والمنام، ولكنه الفناء والفساد، ولا ترجى فيه اللذة بحال من الأحوال.
وكان كافور يتطلع إلى مدحه، ويقتضيه إياه، ولم يكن له بد من مداراته فقال فيه، وأنشدها إياه في شوال سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
وهي آخر ما أنشده ولم يلقه بعدها:
منىً كنّ لي أنّ البياض خضاب ... فيخفي بتبييض القرون شباب
القرون: الذوائب. وقوله: أن البياض في موضع الرفع بدلا من منى.
يقول: كنت في حال شبابي أتمنى أن أخضب شبابي بالبياض، فيكون البياض خضابا للسواد، كما يخضب البياض بالسواد، فينظر إلي بعين الجلالة والوقار والحلم.
ليالي عند البيض فوداي فتنةٌ ... وفخرٌ وذاك الفخر عندي عاب
الفودان: جانبا الرأس وليالي نصب بفعل مضمر، يعني كنت أتمنى ذلك ليالي كان فوداي فتنة للنساء البيض لسواد شعري، فكن يفتن به ويعددنه فخراً، وأنا أعده عيباً لأنه يدل على الجهل والنزق.
فكيف أذمّ اليوم ما كنت أشتهي ... وأدعو بما أشكوه حين أجاب؟!
يقول: كنت أشتهي المشيب أيام الشباب، فكيف أذمه لما بلغت إليه؟! وكنت أدعو الله تعالى أن يهب لي المشيب، فلا يحسن بي الآن أن أشكوه حين أجابني إليه.
وقيل: قوله: أدعو بما أشكوه من قولك: دعوت بفلان إذا دعوته إليك.
والمعنى: كيف أدعو بشيء، إذا أجبت إليه شكوته؟! وهو المشيب، أي كنت أدعو المشيب إلى نفسي. فكيف أشكوه الآن.
جلا اللّون عن لونٍ هدى كلّ مسلكٍ ... كما انجاب عن ضوء النّهار ضباب
جلال: أي زال يقول: زال السواد عن لون هدى كل مسلك: يعني البياض لأنه حليف الهداية والمانع من الغواية. وشبه زوال السواد وطلوع البياض بانكشاف الضباب عن ضوء النهار والضباب: ما تراه على وجه الأرض في الربيع.
وفي الجسم نفسٌ لا تشيب بشيبه ... ولو أنّ ما في الوجه منه حراب
الحراب: جمع حربة.
يقول: إن كان جسمي أثر فيه الشيب، فإن نفسي التي في جسمي لم تضعف بضعفه ولو أن بدل كل شعرة بيضاء حربة في الوجه مغروزة.

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست