ويركب ما أركبته من كرامةٍ ... ويركب للعصيان ظهر حصان!
طريقة الإعراب في يركب الثاني مثل ما ذكر في جواز الرفع والنصب.
يقول: كيف يجمع عاقل بين ركوب كرامتك وركوب فرسه لمحاربتك؟!
ثنى يده الإحسان حتّى كأنّها ... وقد قبضت كانت بغير بنان
يقول: إحسانك قبض يده عن معصيتك، فكأنها وقد قبضت السيف والعنان ليس لها أصابع وبنان.
وعند من اليوم الوفاء لصاحبٍ؟ ... شبيبٌ وأوفى من ترى أخوان
يقول: من يفي اليوم لصاحبه؟ فأوفى الناس مثل شبيب في غدره.
وهذا معنى قوله: شبيب وأوفى من ترى أخوان يعني أوفى الناس أخو شبيب: أي مثله، وأراد أنهما ميتان. وقيل: أخوان: أي متشابهان في العلة متشاكلان في الطبع كالأخوين.
قضى الله يا كافور أنّك أوّلٌ ... وليس بقاضٍ أن يرى لك ثاني
يقول: إن الله تعالى قد حكم بأنك الأول في الفضل والسابق إليه، ولم يحكم بأن يكون لك نظير في الفضل.
فمالك تختار القسيّ وإنّما ... عن السّعد يرمي دونك الثّقلان؟
يقول: لم تختار القسي وتستعدها، فأنت لا تحتاج إليها؛ لأن سعادة جدك ترمي الجن والإنس.
ومالك تعني بالأسنّة والقنا ... وجدّك طعّانٌ بغير سنان؟
تعني من العناية.
يقول: أي حاجة لك إلى الإعناء بالأسنة والقنا، وإقبال دولتك يطعن عنك أعداءك بغير سنان.
ولم تحمل السّيف الطّويل نجاده ... وأنت غنيٌّ عنه بالحدثان؟
يقول: لم تحمل السيف وحوادث الدهر قد أغنتك عنه؟ وقيل: أراد بالحدثان؛ قضاء الله تعالى وقدره.
أرد لي جميلاً: جدت أو لم تجد به ... فإنّك ما أحببت فيّ أتاني
يقول: أرد لي الجميل، فعلته أو لم تفعله، فإن الأيام تبلغني إليه؛ لأنها لا تفعل إلا ما تريده.
لو الفلك الدّوّار أبغضت سعيه ... لعّوقه شيءٌ عن الدّوران
يقول: لو كرهت دوران الفلك، لعرض له ما يمنعه من الدوران، وحبسه على وفق إرادتك.
وروى هذا البيت برفع الفلك والدوار: صفة له، فيكون مرفوعاً بفعل مضمر، وهذا الظاهر تفسير له. كأنه قال: لو خالفك الفلك لعوقه. وصار أبغضت تفسيراً له. ولا يجوز رفعه بالابتداء؛ لأن لولا يقع بعدها إلا الفعل.
ولو نصب الفلك لكان أظهر في الإعراب؛ لأنك كنت تضمر فعلاً، ويكون أبغضت تفسيراً له وتقديره: لو أبغضت سعي الفلك أبغضت سعيه فأضمرت الأول لدلالة الثاني عليه.
ونالت أبا الطيب بمصر حمى، كانت تغشاه إذا أقبل الليل، وتنصرف عنه إذا أقبل النهار بعرق، فقال يصف الحمى ويذم الأسود، ويعرض بالرحيل، فشغف الناس بها بمصر، وأنشدوها الأسود فساءته.
وذلك في يوم الاثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة.
ملومكما يجلّ عن الملام ... ووقع فعاله فوق الكلام
الملوم: الرجل الذي يلام.
يقول لصاحبيه: الرجل الذي تلومانه يعني نفسه يجل عن لومكما فلا تؤذياه بملامكما. وكذلك وقع فعل هذا الرجل الملوم فوق الكلام الذي توجهانه إليه على سبيل الملام. يعني: أن فعله أجل أيضاً من أن يلام عليه.
وقيل: اراد فعل هذا الرجل أجل من أن يلحقه الوصف بالكلام، ويبلغه البيان بالعبارة والمقال.
وقيل: الهاء في فعاله تعود إلى الملام أي وقع فعل الملام وتأثيره فوق تأثير الكلام.
يعني: أن الملام يفعل في فعل السهام لا فعل الكلام. وعلى الأول الهاء تعود إلى الملام.
ذراني والفلاة بلا دليلٍ ... ووجهي والهجير بلا لثام
نصب الفلاة والهجير لأنهما مفعول والهجير: شدة الحر، واللثام: ما يشد على الفم من طرف العمامة.
يقول لصاحبيه: ذراني مع الفلاة أقطعها بلا دليل، فإني دليل لنفسي، وذرا وجهي مع الهجير بلا لثام، فإن جلدة وجهي تنوب لي مناب اللثام.
فإني أستريح بذا وهذا ... وأتعب بالإناخة والمقام
بذا إشارة إلى الفلاة، وذكره على معنى المكان وروى: بذي أي بهذه، وهو إشارة إلى الفلاة لفظا. وهذا: إشارة إلى الهجير.
يقول: أنا أستريح بقطع الفلوات وملاقات الحر وأتعب بإناخة المطية والإقامة.
عيون رواحلي إن حرت عيني ... وكلّ بغام رازحةٍ بغامي
البغام: صوت الناقة عند التعب. والرازحة: المعيبة التي كلت. وقامت. وله معنيان: