فلا ينحلل في المجد مالك كلّه ... فينحلّ مجدٌ كان بالمال عقده
يقول: لا تتلف مالك كله في اكتساب المجد والثناء، فإن فعلت ذلك افتؤلت وضاع المجد الذي كنت تطلبه! إذ المجد لا يكون إلا مع المال.
ودبّره تدبير الّذي المجد كفّه ... إذا حارب الأعداء والمال زنده
يقول: دبر المال تدبير الرجل الذي المجد كفه، والمال زنده: يعني كما لا تقوم الكف إلا بالزند، فكذلك لا تقهر الأعداء إلا بالمال.
فلا مجد في الدّنيا لمن قلّ ماله ... ولا مال في الدّنيا لمن قلّ مجده
يعني: كما لا يقوم المجد من دون المال، كذلك المال لا ينفع إلا مع المجد، فمن له المال بلا مجد فهو بمنزلة الفقير الذي لا مال له.
وفي النّاس من يرضى بميسور عيشه ... ومركوبه رجلاه والثّواب جلده
يقول: في الناس من ليس له همة، فقد رضى بالدون من العيش، واقتصر على طعام بطنه، فلا يركب إلا رجله، ولا يلبس إلا جلده.
ولكنّ قلباً بين جنبيّ ما له ... مدىً ينتهي بي في مرادٍ أحدّه
لفظة ما في قوله: ما له نفي.
يقول: أنا لست هكذا، لكني بعيد الهمة، ليس لهمتي غاية تقف عندها. والهاء في أحده للمراد.
يرى جسمه يكسى شفوفاً تربّه ... فيختار أن يكسى دروعاً تهدّه
الشفوف: جمع شف، وهو الثوب الرقيق. وتربه: تنعمه. وتهده: تهدمه.
يقول: هذا القلب يرى الجسم الذي فيه يلبس أثواباً رقاقاً، وهو لا يختار له ذلك، وإنما يختار الدروع مع خشونتها وغلظتها؛ لتهدم نعومة الحسم.
يكلّفني التّهجير في كلّ مهمهٍ ... عليقي مراعيه وزادي ربده
التهجير: السير في وقت الهاجرة. والعليق: ما تعلق به على الدابة، من شعير أو غيره. والربد: النعام، الواحد أربد، وربداء، سميت بذلك لسواد لونها.
يقول: قلبي يكلفني السير في وقت الهاجرة في كل مهمه بلا زاد ولا عليق، فخيلي تأكل من مراعيها، وزادي من نعامها.
وأمضى سلاحٍ قلّد المرء نفسه ... رجاء أبي المسك الكريم وقصده
يقول: أمضى سلاح المرء: قصد كافور ورجاؤه، فكما أن أبلغ ما يتوصل به المرء إلى مرامه هو السلاح، كذلك أبلغ ما يوصله إلى مراده قصده ورجاؤه.
هما ناصرا من خانه كلّ ناصر ... وأسرة من لم يكثر النّسل جدّه
يقول: رجاؤه وقصده معينان من ليس له معين. وعشيرة يتقوى بها، كما يتقوى الرجل بناصره وعشيرته.
أنا اليوم من غلمانه في عشيرةٍ ... لنا والدٌ منه يفدّيه ولده
الولد والولد: لغتان يقعان على الواحد والجمع. وقيل: الولد: جمع الولد.
يقول: أنا اليوم من جملة غلمانه، وهم لي بمنزلة الولد، ونحن أولاده نتمنى أن نفديه بأنفسنا.
فمن ماله مال الكبير ونفسه ... ومن ماله درّ الصّغير ومهده
يعني: أن نعمه عمت الكبير والصغير، فمال الكبير ونفسه من هباته، ولب الصغير ومهده من ماله.
يعني: أنه يملك نفوس الناس وأموالهم.
نجرّ القنا الخطّىّ حول قبابه ... وتردى بنا قبّ الرّباط وجرده
الهاء في جرده يرجع إلى لفظ الرباط لأنه اسم واحد موضوع للجمع مثل: القوم والنفر. وتردى: من الرديان، وهي سرعة السير. والقب: جمع أقب وقباء وهو الفرس الضامر، والرباط: اسم للخيل المربوطة، وقال أبو زيد: هي الخمس فما فوقها.
يقول: نجر القنا حول قباب الممدوح كل يوم، لأنا من غلمانه، ونجري الخيل في ميدانه؛ لأن عادة الغلمان أنهم يتلاعبون في ميادين الملوك.
ونمتحن النّشّاب في كلّ وابلٍ ... دوىّ القسيّ الفارسيّة رعده
الهاء في رعده يعود إلى وابل.
يقول: نرمي النشاب بين يديه، ونمتحنها، على عادة الغلمان من امتحان السهام. وشبه كثرة النشاب بالمطر الوابل، ودوي القسي وصوتها عند الرمي بالرعد. يصف كثرة غلمانه وجنده.
فإلاّ تكن مصر الشّري أو عرينه ... فإنّ الّذي فيها من النّاس أسده
الشري: موضع كثير الأسد، والعرين: الأجمة.
يقول: إن لم تكن مصر مقر الأسود، فإن الذي فيها أسود، فلا اعتبار بالموضع، وإنما الاعتبار بالأسد.
سبائك كافورٍ وعقيانه الّذي ... بصمّ القنا لا بالأصابع نقده
العقيان: الذهب.