responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 68
فمن ذلك سعد وكبابة ودار صيني بالسوية يدق ويستف منه مثقال لا سيما بعد القيء المستقصى وسف الكزبرة والنعناع ومضغ العود الرطب وكذلك السعد وأكل البصل يخفى رائحة الشراب والفوتنج النهري إذا مضغ قطع رائحته. انتهى كلام العنبري.
وقال التيفاشي في كتابه سرور النفس بمدارك الحواس الخمس وهو عدة مجلدات إنني لما رأيت لهج الخلفاء والملوك وشغف جمهور الأمم من العرب والعجم بشرب شراب العنب واختلاف مذاهبهم في استعماله مع الاتفاق على الميل إليه على تباين بخلهم ومللهم وقد ذكر عن الأحنف بن قيس أن رجلا قال له يا أبا بحر ما ألذ الأشربة فقال له الخمر فقال كيف علمت ولم تذقها قال لأني رأيت من أحلت له لا يصبر عنها ورأيت من حرمت عليه يخطئ البهائم ووجدت جل من يستعمل هذا المشروب لا يفي له خيره بشره ولا يقوم نفعه بضره وذلك لجهله بوجه استعماله فإن من المعلوم أن الخمر إنما المقصود من شربها منفعتان إحداهما للنفس بالتفريح ونفي الهموم وأخراهما للبدن بحفظ صحته عليه ونفي الأمراض النازلة به وتحقق عند كل من له أدنى مسكة من عقل أنها إذا استعملت على غير ما ينبغي انعكست هاتان المنفعتان مضرتين فصار عوض السرور هما وغما وضجرا وسوء خلق وعوض الصحة مرضا مزمنا أو موتا فجأة حسبما نشرحه إلا أنه لا يقتصر الأمر على عكس هاتين المنفعتين فقط بل يتعدى إلى مضار أخرى عظيمة إن سلمت المهجة كذهاب العقل والمال والجاه والذكر الجميل بل لا يقف الأمر على ذلك بل يتعدى الضرر إلى الأعقاب فإن الحكماء أجمعوا قاطبة على أن مدمن الخمر لا ينجب وإن أنجب كان الولد أحمق. انتهى كلام التيفاشي.
ونقلت من مجموع بخط بعض الأفاضل قد ذكر الحكماء والأطباء والعلماء والشعراء والفضلاء والبلغاء من مضار الخمر ومنافعها وبهجة عواريها وطوالعها فمن ذلك قولهم الخمر يسخن الجسم ويجود الهضم ويرطب الأعضاء ويسكن القيء والعطش إذا مزجت وتدر البول وتسهل الطبيعة وتسر النفس وتحدث النشاط والطرب والأريحة لا سيما في الأبدان المعتدلة هذا في أخذ القصد فإذا أكثر منها أحدث ذلك السهر وورم الكبد وقلة شهوة الجماع والغذاء والنسيان والبخر والرعشة والدمع وضعف البصر والحميات واختلاط العقل والتبلد والسكتة والصرع وموت الفجأة لأن الخمر تملأ الدماغ فتغمر الحرارة كما يغمر الدهن نار السراج فيطفأ. انتهى.

الفصل الثالث
في آداب منتشيها وما يجب على مستعمليها
ينبغي للمعاشر والنديم المجالس للملوك والرؤساء أن يكون نظيف الكف نقي الظفر متعاهد التقليمة والتخليل بين أصابعه وغسل يده ومعصمه في أوقات وضوئه ومطعمه طيب المعاني عطر البشرة نظيف الوجه والشارب والأنف نقي الجبين مستعملا للسنوت وأخذ السعد بالغدوات وتسريح اللحية وتنظيف الثياب وعمامته خاصة لأن العين كثيرا ما تقع عليها متعطر بالبخور والغالية والدراير على الشعر والثياب وليجلس في مرتبته بحسن أدب وسكون جاشر بغير اتكاء ولا مد رجل ولا عبث بثوب ولا بلحية ولينهض بنهوض الملك ويجلس حيث يشير إليه ويدنو إذا استدناه ويجيبه إذا سأله ولا ينهض عن المائدة أولا ولا يمد يده مبتدئا ولا يلعق أصابعه ويعيدها في الطعام ولا يغمس أنامله ولا يسرع المضغ ولا يكثر الضحك والكلام ولا يعض اللحم بأسنانه ولا يرد ما عض في الصحفة ولا يتناول ما بين يدي غيره ولا يكثر اللقم ولا يفتت الخبز ولا يخلخل الملح ولا يتلقط الدسم بالخبز ولا يكثر من اغتراف الحبوب والأمراق خوفا من أن يسيل على الثياب وينسب إلى الشره وسوء الأدب ولا يفسخ الدجاج بيده بعنف خوفا من الاندلاق وهو أن يكون تحت جلد الدجاجة أو في أوراكها دسم فيطير على ثياب من بازائه بل يقطع بالسكين على تواضع ولا يحصر الزيتونة بشدة فربما طارت نواتها فأصابت وجه جليسه ولا يحمل بيده الحلوى بكثرة ولا يدخل إلى فيه الطعام الحار ثم يخرجه من فيه ولا ينفخ فيه وفي المرقة ليبرد ولا يكثر شرب الماء ولا يتجشى ظاهرا ولا يمشمش العظام ولا ينفض المخاخ ولا يعض الفواكه إن حضرت قبل الطعام ولا يمد يده إلى قطعة لحم مشهورة ولا بيضة منضورة ولا سنبوسجة مشتهاة ولا ما تقع الشهوة عليه ولا ما تسارع النفس إليه ويجب أن يتجنب الخمرة في مجالس الملوك ومن يخاف على عرضه.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست