responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 278
الباب الخامس والأربعون في الأسد النبل والزرافة والفيل
وإنما بدأنا به أولاً لأنه أشرف في هذا النوع لأن منزلة الملك المهيب لقوله وشجاعته وقساوته وجهامة خلقه وشراسة خلقه، قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان إن اللبوة لا تضع إلا جرواً واحداً وتضعه بضعة لحم ليس فيها حسن ولا حركة فتحرسه من غير حضان ثلاث أيام ثم يأتى أبوه بعد ذلك فينفخ في تلك البضعة المرة بعد المرة حتى يتحرك ويتنفس ويتفرج الأعضاء ويتشكل الصورة ثم تأتى أمه فترضعه ولا يفتح عينيه إلا بعد سبعة أيام من تخليقه وهي ما دامت ترضع لا يقربها الذكر البتة فإذا مضت على الجرو ستة أشهر كلف الاكتساب لنفسه بالتعليم والتدريب وطارد الذكر الأنثى فإذا كانت صارفة أمكنته من نفسها وإن لم تكن دفعته ومنعته ونفته مع شبلها بقية الحول وستة أشهر من الثانى وحينئذ تألف الذكر وتمكنه من نفسها وللأسد من بعد الوثبة واللصوق بالأرض والإسراع في الحصر إذا هرب والصبر على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع وربما سار في طلب القوت ثلاثين فرسخاً ولا يأكل فرسة غيره من السباع وهو إذا شبع من فريسة تركها ولم يعد إليها ولو جهده الجوع ولا يأكلها وإذا أكل يقيم يومين وليلتين بلا طعام لكثرة امتلائه ويلقى بعد ذلك شيئاً بابسا مثل جعر الكلب وإذا بال رفع إحدى رجليه كالكلب وإذا فقد أكله صعب خلقه وإذا امتلأ بالطعام فهو ودع وأكل الخفيف وأحب إليه من اللحم العريض الغض وهو لا يثبت على الإنسان للعداوة ولكن للطعم فإنه لو مر به وهو شبعان لم يتعرض له وهو مع ذلك حريص بهم واسع النحر ينهش ولا يمضغ قليل الريق ولهذا يوصف بالنجر ولحم الكلب أحب اللحوم إليه ويقال إنما ذلك لحنقه عليه فإنه إذا أراد الطواف في جنبات الحى ألح الكلب بالنباح عليه والإنذار به فيرجع خائباً لنهوض الناس عليه فإذا أراد ذلك بدأ الكلب حتى يأمن إنذار ومن شأنه إذا أكثر من حسو الدم وأكل اللحم وحلت نفسه منها طلب الملح ويجعله كالحمضة بعد الحلة فيطلبه ولو كان بينه وبينه خمسون فرسخاً وهو يوصف بالجبن والجراءة فمن جبنه أنه يذعر لصوت الديك ومن نقر الطست وضرب الطنبور والحبل الأسود والديك الأبيض والسنور والفأرة وقد تكون النار من أسباب اغتراره واغتياله لأنه يعتريه ما يعترى الظباء والوحوش عند رؤية النار من الحيرة والعجب بها وادمان النظر إليها والفكر فيها حتى يشغله عن التحفظ والتيقظ ومن حرارته أنه يقدم على المعتب الكبير والجمع الكثير ويقابل ولا يرجع من الضرب والجراح ولا يذله ما يصيبه من ذلك بل يقابل بعضه حتى يموت وهو إذا كر لا يفر وإلا فرا خفيفا مخالسا والأسود أكثر جراءة وجهالة ويقال إن الأنثى أجرأ من الذكر والجاحظ لا يعجبه هذا القول ويقول إنما هي أشرف ومن عاداته أنه إذا عاين أحد لا يفزع ولا ينهزم فإن لجأ إلى ذلك وأحسن بالصيادين تولى وهو يمشى رفقا وهو مع ذلك يتلفت ويضمر الخوف ويظهر عدم الاكتراث وان تمكن منه الخوف هرب عجلاً حتى يبلغ مكاناً يأمن فيه فإذا علم أنه أمن مشى مارا وإن كان في سهل والجأ إلى الهرب جرى جرياً شديداً كالكلب وإن رماه أحد ولم يصبه شد عله فإذا أخذه لم يضره وإنما يخدشه ثم يخيله كأنه من عليه بعد الظفر به وإذا شم رائحة الصيادين أخفى أثره بذنبه وفيه من شدة البطش ما أنه يأبى الجمل الهايج البازل فيضربه بيده فيثنى الجمل عنقه إليه ويريد عضه فيضرب بيساره إلى مشفره فيجذبه جذبة يفصل بها بين ذوات عنقه وإن ألفاه قائما وثب عليه فإذا هو ذروة سنامه فعند ذلك يضرب كيف شاء ويتلعب به كيف أحب ومن عجيب أمره أنه لا يألف شيء من السباع لأنه لا يرى فيها ما هو كفؤ له فيصحبه ولا يطأ على أثره شيء منها ومتى وضع جلده على سائر جلودها تساقطت شعورها ولا يدنو من المرأة الطامث ومتى مس قوائمه لحا شجر البلوط حذر ولم يتحرك من مكانه وإذا غمره الماء جاء الصبى حتى يركب على ظهره ويقبض على أذنه ولا تفارقه الحمى ولذلك الأطباء يسمون الحمى داء الأسد وعظامه بعضها ببعض فيخرج منها كما يخرج من الحجارة ولذلك في جلده من القوة والصلابة ما لا يعمل فيه السلاح إلا من مراق بطنه وقد يطول مثوى الواحد منها مع الناس حتى يهرم وهو في جميع حالاته صعب شديد الغرام لا يؤمن شروده إذا انفرد مع سواسه وأبصر غيضة بين يديها صحراء ويبلغ من العمر كثيرا وعلامة ذلك أنه يصاد فيوجد مهتوم

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست