اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 273
القول في طباع الظباء من المباهج وهي ألوان تختلف بحسب موضعها فصنف منها يسمى الأورام وألوانها بيض ومساكنها الرمل وهي أشد حصراً وصنف يسمى الغفر وألوانها حمر، وصنف يسمى الأدم وهي تسكن الجبال وفي هذا اللون من أسرار الطبيعة أنه رأى ذا روح إلا ويعلم ما يريده منه من خير وشر وإذا فقد الماء استنشق النسيم فاعتاض به وإذا طلب لم يجهد نفسه في حصره من أول وهلة وإذا رأى طالبه وقد قرب منه زاد في الحصر حتى يفوت الطالب وهو يهشم الحنظل حتى يرى ماؤه يسيل من شدقيه ويرد البحر فيشرب من الماء الأجاج كما تغمس الشاة لحييها في الماء العذب تطلب النوى المنقطع فيه وهو لا يدخل كنائسه إلا مستدبراً يستقبل بعينيه ما يخافه على نفسه وله نومتان في مكنستين مكنس لضحى ومكنس لعشاء وإذا أسن لظبي وبقيت لقرونه شعب تنح وإذا هزل أبيض وهو شنج النساء لا يسمو بالمشي فإذا أراده العدو فإنما هو الفر والوثب ورفع القوائم معاً كما يفعل الغراب فهو أبداً يحجل كما يحجل المقيد وليس له حصر في الجبال ويصاد بنار توقد له فيذهل لها سيما إذا أضيف إلى ذلك تحريك أجراس فإنه ينخذل ويرقد ويصاد بالعطش الشديد بأن يحولوا بينه وبين الماء فينخذل ولا يبقى به حراك البتة وبين الظباء والحجل ألفة ومحبة والحذاق في الصيد يصيدونها ببعضها البعض، ويوصف بحدة البصر ويسمى باليونانية اسما معناه النظارة والمبصرة ويلحق بهذا النوع غزال المسك وهو أسود ولونه أسود ويشبه ما تقدم في القد ودقة القوائم وافتراق الأظلاف وانتصاب القرون وانعطافها غير أن لكل واحد منهما نابين خفيفين أبيضين خارجين من فيه في فكه الأسفل قائمين في وجهه كنابي الخنزير كل واحد منهما دون الفتر على هيئة ناب الفيل ويكون بالتبنت والهند ويقال عن الغزال يسافر من التبنت إلى الهند بعد أن يرعى من حشيش التبنت وهو غير طيب فيلقى ذلك المسك بالهند فيكون رديئاً ثم يرعى حشيش الهند الطيب ويعقد منه مسكاً ويأتي بلاد التنبت فيلقيه فيكون جيداً والمسك فضل دموي يجتمع من جسدها إلى سررها في وقت من السنة معروف بمنزلة المواد التي تنصب إلى الأعضاء وهذه السرر جعلها الله معدناً للمسك فهي تثمره بمنزلة الشجرة التي تؤتى أكلها كل حين فإذا حصل هذا الدم في السرر ورمت وعظمت فتمرض لها الظباء وتألم حتى تتكامل فإذا بلغ وتناهى حكته بأظلاف وتمرغت في التراب فتسقطه في تلمك المفاوز والبراري فيخرج الجلابون ويأخذونه ويقال أن أهل التبنت يضربون لها أوتاد في البر تحتك بها إذا ألمها السرر فتنقطع وتسقط فإذا سقطت عن الظبي كان في ذلك إفاقته وصحته فانتشر حينئذ ي المرعى وورد الماء.
الوصف: قد ينبغي أن يعلم هذا قليل جداً لأن الشعراء نقلوا محاسن الغزال إلى الغزال وشرحوا بها حال مكن جد به الحب وهزل والصفة التي يصفون بها الظبي وصفوا بها الجارية والغلام وصرفوا الحقيقة إلى المجاز فيما أراده من الكلام قال بعضهم:
فما مغزل تغزل تعطو بجيد كأنه ... يمان بأيدي الناظرين صقيل
هضيم الحشا مغضوضة الطرف عالها ... بذات الأراك مربع ومقيل
إذا نظت من نحوه أو تفرست ... دعاهم احم المقلتين كحيل
بأحسن منها حين قالت صرمتنا ... وأنت صروم للخيال وصول
وقال آخر:
وصالية بالحسن والجيد عاطل ... ومكحولة العينين لم يكتحل قط
على رأسها من قرينها الجعد وفرة ... وفي خدها من صدغها شاهد يسط
يخلها من غيرة الجلد وفرة ... ويجمعها من بيض آباطها مرط
وقد أدمجت بالشحم حتى كأنما ... ملآتها من فرط ما اندمجت قمط
خواص الإيل ومنافعه: من المصائد والمطارد فمنعه أن ذكره من عصب لا لحم فيه وأن دم كل حيوان يجمد غلا دمه ولحمه غليظ مائل إلى كموسوة السواد وليس للأنثى قرن وإذا بخر بقرنه مع كبريت أحمر ذهبت الحيات وكذلك دمه بطحين الكرسنة وقرنه تبخر به الحامل فتيسر ولادتها.
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 273