اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 170
مطاعم شهية وملاذ ملوكية سأل الوزير أبو نصر بن أبي زيد أبا منصور بن سعيد بن أحمد البريدي وكان من أبناء الأمراء والسادة بالبصرة عما يحبه ويشتهيه ويختاره من أطايب الأطعمة الملوكية فقال قشور الدجج الفتية المسمنة المشوية والكباجة التمامة التي يجمع فيها بين لحم البقر والغنم ثم ينفي عنها لحم البقر وتحلى بالطبرزد وتطيب بالعنبر والهريسة بلحوم الحملان التي رضعت شهرين وربعت شهريت ومن اللحم المجذع والمبلقة بالأرز المدقوق والدهن بالسكر المسحوق المخبر بالند المشرب بالجلاب وماء الورد فقال يا أبا المنصور قد تجلب فمي من هذا الوصف أشهد انك من أبناء النعم والمروءات وأمر أن يلقيه على طباخه، ولما دخل الرشيد في سنة ست وتسعين ومائة زار جعفر بن سلمان بن علي الهاشمي وكان يومئذ واليها فأحضر له جعفر بن سلمان على مائدته كل حار وبارد واحضر ألبان الظباء وزبدها فاستطاب الرشيد طعومها فسأله عن ذلك فأمر بعض الفلمان فأطلق الظباء فتبعها أخشافها وعليها سلمها حتى وقفت في عرصت الدار تجاه عين الرشيد فلما رآها مفرطة مخصبة استفزه الفرح لذلك والتعجب حتى قال له جعفر يا أمير المؤمنين هذه الألبان واللبأ ورائب الزبد الذي بين أيدينا من هذه الظبية الفيتها وهي خشفان فتلاحقت وتلاحقت.
نادرة: حضر الغاضري عند بعض الرؤساء فقدم صفحة فيها أرز مطبوخ وقد قعر وسط الصفحة جلاب لأخذ الغاضري الملعقة وخرق التقعير إلى ما يليه حتى أختلط بالأرز فقال له صاحب المنزل (أخرقتها لتغرق أهلها) فقال بل (سقناه لبلد ميت) وقال ابن الجصاص الصوفي دخلت على أحمد بن روح الأهوازي فقال ما تقول في صفحة أرز مطبوخ فيها نهر من سمن على حافتيها كثبان من السكر المنخول فدفعت عيناي فقال ما لك قلت ابكي شوقاً إليه جعلنا الله وإياك من الواردين عليه بالغواصة والردادتين فقال يا غلام قدمها فجاء بها تفور فقال لي ما الغواصة والردادتين فقلت الغواصة الإبهام والردادتان السبابة والوسطى فقال أحسنت بارك الله فيك.
وكيفية الأكل عند الظرفاء والأدباء هو أن يفيض الإنسان الخنصر والبنصر ويأكل بأصابعه الثلاث وهي مذهب الظرفاء أن البنصر إذا أصابه الزفر فليس بظريف في الأكل اللهم إلا في الثريد فإن أكلها بأربعة أصابع سوى الخنصر وقالوا الأكل على أربعة أنحاء بإصبع من المقت وبإصبعين من المكر وبثلاث من السنة وبخمس من الشره.
فصل: فيما يشهي المآكل قال بعضهم يصف سكردانا:
وافي السكردان وفي ... ضمته مطبخات من فراريج
كأنه بدر قد رصعت ... فيه ثريا من سكاريج
وقال آخر في عجة:
وجاءتنا بعجتها عجوز ... لها في القلى حس أي حس
فلم أر قبل رؤيتها عجوزا ... تصوغ من الكواكب عين شمس
وقال ابن تميم في لبأ وتمر:
يا حبذا لبأ أتانا بكرة ... يزهي لنا حسنا بأنواع الرطب
فكأنما اهدي سماء فضة ... قد أشرقت فيها نجوم من ذهب
وقال صفي الدين الحلى يطلب جينا:
خففت عنكم فلم أطلب لمجلسنا ... من المآكل شيئاً غالي القيم
لكن أقصى مرادي من هديتكم ... ما بالكرائم من لامية العجم
يريد قول الطغراى:
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ولا بخل
قال صلاح الصفدي ملغزا في قريشة:
أي شيء يروق للنفس أكلا ... ذا بياض وأصله من حشيشه
خمسة أثقل الجمادات وزنا ... فتعجب له وباقيه ريشه
وقال أبو الفرج الأصفهاني يصف بيضة:
فها بدائع صنعة ولطائف ... الفن بالتقدير والتلفيق
خلطان ماويان ما اختلطا على ... شكل ومختلف المزاج رقيق
صنع تدل على حقيقة صانع ... للخلق طرا ليس بالمخلوق
قبياضها ورق وتبر مخها ... في حق عاج بطنت بدبيق
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 170