responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 115
فصل: وينبغي أن يكون المغني جميل الخلق صافي الخلق له حلاوة وعليه طلاوة مستعذب العبارة نظيف الشارب يحفظ كثراً من الملح والأخبار والنوادر والأشعار وشيئاً صالحاً من علم الإعراب ما يختلط معه بذوي الآداب غير نمام ولا مغتاب ولا فضولي ولا عتاب كامل الظرف بعيدا من الظئر متوقيا للهجن كتوماً للأسرار مرتكبا طريق الأسرار ذو روايح ذكية وبشرة نقية وجوارح سالمة من العيوب وشمائل يخفق بها على القلوب صناعته معجبة وأغانيه مطربة فمن اجتمعت فيه هذه الصفات والمناقب وسلم مما تقدم ذكره من المعائب والمثالب كان حقيقا من الملوك بالاختصاص وخليقا منهم بأن يشرفوه بالاصطناع والاختصاص ومنهم من يكون حاذقاً في صناعته فيبلغ في أحكامه غاية استطاعته واجتمعت فيه الخلال الحميدة وعرف بالأخلاق السديدة غير أنه يرزق صوتا يستعدنه ويحسن ممن يغني له موقعه فتصطفيه الملوك لتعليم العناء ممن يؤهلونه لذلك من الطرائف والإماء وتختلف أحوال الباقين في أخلاقهم وخلقهم والمذهب من كل ذي علم وصناعة قليل وتعديد ما يوجد من أخلاق يطول.
وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي شر الغناء والشعر الوسط لأن الأعلى منهما يطرب والرذل يضحك من صاحبه ويلهي به الوسط لا يطرب ولا يضحك.
وذكر الشيخ جمال الدين بن نباتة في شرح العيون ما صورته ويقال إن أول من أتخذ العود الملك المتوشلخ على مثال فخذ ابنه الميت وهو قول ضعيف، وقيل بطليموس، وقيل بعض حكماء الفرس وسماه البريط وتفسيره باب النجاة ومعناه أنه مأخوذ من صرير باب الجنة وقد جعلت أوتاره أربعة كما تقدم ذكره.
وذكر أن أول من غنى على العود بألحان الفرس النضر بن الحارث بن كلدة وفد على كسرى بالحيرة فتعلم ضرب العود والغناء وقدم مكة أهلها وأول من غنى في الإسلام بألحان الفرس سعيد بن مسحج وقيل طوليس وذلك أن عبد الله بن الزبير لما وهي بناء الكعبة رفعها وجد بناءها فيها صناع الفرس يغنون بألحانهم فوقع عليها ابن مسحج الغناء العربي ثم دخل إلى الشام فأخذ عن ألحان الروم ثم رحل إلى فارس فأخذ الغناء وضرب العود وابتعه من بعده وبدأ هذا العلم ببطليموس وختم بإسحاق بن إبراهيم الموصلي.
وذكر القاضي الرشيد بن الزبير في كتابه العجائب والظرف أنه وجد للأسعد المرتضى أحمد بن عبد الواحد لما قبض عليه المستنصر في سنة تسع وخمسين وأربعمائة ما يجوز حد الحصر لكثرته وجلالته وعلو همته وفيما وجد له عدلان كبيران أوتارا برسم عيدان الغناء وعدلا مخزوما مضارب العيدان وثلاثمائة طبل شبري وغير ذلك من سائر أصناف الملاهي ووجد له هاون فضة وزنه سبعون رطلا.
فصل: فيما ورد للفضلاء في مدحهم قال الشيخ برهان الدين القيراطي:
أقول إذ حبس عود مطرب حسن ... يريك يوسف في أنغام داودو
من حسن وجهك تضحى الأرض مشرقة ... من بنانك يجري الماء في العود
وقال:
أطربنا العود إلى أن غدا ... مقاصنا يرقص مع صحبه
فشمعه قام على ساقه ... وكأسه دار على كعبه
الشيء بالشيء يذكر: أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ تقي الدين بن حجة الحموي فسح الله في أجله من قصيدة حربية:
إن حبس عود الضرب مال سامعه ... والخيل يرقصها إن حرس الوترا
وقتال الشيخ برهان الدين القراطي:
وشذا في أصفها ... ن بالأغاني المطربات
مسمع غنا فأغنا ... بصفات الحسن ذات
قلت إذ حرك عودا ... عارفا بالنغمات
أنت مفتاح سرو ... ري يا سعيد الحركات
وقال المرحوم فتح الدين بن الشهيد وقد أحضر له بدر الدين طائراً ينعى العواد بسفارة الحاجب توكل:
نهاري ليس كله بمنادم ... على عودة تعرو الحشابا لتفرك
وكنت أراه طائرا عز مطلبا ... ولكنني حصلته بتوكل
وأنشدني من لفظه لنفسه إجازة سيدنا ومولانا أقضى القضاة بدر الدين محمد المالكي المخزومي الشهير بالدماميني أسبغ الله ظلاله:
يا عزولي في مغن مطرب ... حرك الأوتار لما سفرا
لم تهز العطف منه طربا ... عندما يسمع منه وترا
وقال علاء الدين الوادعي في مغن يدعى الفصيح:
وليلة ما لها نظير ... في الطيب لو ساعفت بطول
كم نوبة للفصيح فيها ... أطرب من نوبة الخليل

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست