اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 275
بعضها قائم على الجهل برواته في مثل "عمن أدرك فلانًا" أو "حدثني من رأى فلانًا" أو "عن أشياخ من بني فلان" أو "عن رجال أدركوا الجاهلية". ولأن بعضها منقطع لا يذكر فيه إلا راوية واحد قبل هؤلاء العلماء، كثيرًا ما يكون من الأعراب الفصحاء. والثقة بمثل هذه الأسانيد لا سبيل إلى تحقيقها، وإنما تكون الثقة بمعرفتنا العالم الراوية الذي أوردها، فإما أن نوثقه فنقبل منه ما يروي مع إسناده، وإما أن نجرحه ونضعفه فلا سبيل إلى قبول روايته مهما يكن إسنادها عاليًا. وتوثيق هؤلاء العلماء أو تضعيفهم هو موضوع حديثنا في القسم التالي من هذا البحث.
غير أن الأمر الذي يكاد البحث العلمي الدقيق ينتهي إلى ترجيحه أن الإسناد في الرواية الأدبية والشعر خاصةً، شيء قد كان، وأن العلماء الرواة من رجال الطبقة الأولى أخذوا الشعر الجاهلي بالرواية عمن قبلهم، وإن كان تلامذتهم من بعدهم قد أغفلوا النص على الإسناد قبل هذه الطبقة الأولى، وبين أيدينا نصان ناطقان بينا الدلالة:
أولهما: أن الأصمعي يورد شعرًا هذليًّا ثم يقول[1]: "سألت ابن أبي طرفة عن هذا فلم يعرفه، ولم يكن عند أبي عمرو فيها إسناد".
وثانيهما: أن الأصمعي نفسه يورد قصيدة النابغة:
أمن آل مية رائح أو معتد ... عجلان ذا زادٍ وغير مزود
ثم يقول[2]: "ليس عندي فيها إسناد، وهي له حقًّا".
فقد كان إذن عند أبي عمرو بن العلاء وعند الأصمعي أسانيد للشعر الجاهلي الذي روياه، ولكنها لم يلتزما ذكرها دائمًا، واكتفيا بالنص على عدم وجودها حين لم يكن عندهما إسناد. [1] ديوان الهذليين "دار الكتب" 1: 159. [2] ديوان النابغة "شرح الأعلم، خمسة دواوين العرب" ص27.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 275