اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 274
وبعضها لا يكاد يصدق. قال الجاحظ1 "وإن في الأعراب لأعمارًا أطول، على أن لهم في ذلك كذبًا كثيرًا".
وقد أوردنا من الأسماء والأخبار ما يصح في الفهم ويقبله العقل، فليس من الغريب أن يكون في الأمة نفر يبلغون من العمر ما يزيد قليلًا على مائة سنة، وذلك شيء مألوف في كل زمان وعند كل أمة، وما زلنا نحن نسمع في زماننا هذا عمن يتخطى المائة وقد يبلغ العشرين والمائة أو الخمسين والمائة، وخاصة في القرى وبين البدو. ومن المشهور المتداول في الأعمار كانت في الماضي أطول مما هي الآن، ومرد ذلك إلى أمور لا مجال لسردها.
وقد رجحنا في غير هذا الموطن أن أبا عمرو بن العلاء بدأ يأخذ عن الرواة والعلماء والأعراب، بل كان يتصدر للرواية والتدريس، في نحو سنة 80 للهجرة أو بعدها قليلًا[2]. ومن أجل ذلك ليس بمستغرب أن يكون في زمنه أعراب عاشوا في الجاهلية بين عشر سنوات وسبعين سنة، فتكون سنهم عام روى عنهم أبو عمرو ومن في طبقته تتراوح بين تسعين سنة ومائة وخمسين سنة[3].
-4-
غير أن هذه الروايات المسندة التي يرتفع إسنادها إلى ما قبل علماء القرن الثاني قليلة نادرة، لا تعدو ما أوردناه، وقد يضم إليها مثلها مما تجاوزنا عن ذكره أو لم نعثر عليه. وهي كلها لا تكاد تقيم لنا ما نستطيع أن نبحث فيه لأن
1 الحيوان: 1: 157. [2] انظر ص156 من هذا البحث. [3] ومع ذلك فقد قال المرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي "تاريخ آداب العرب ج1 ص297 هامش 1" "رأينا في كثير من الكتب أن أبا عمرو بن العلاء روى عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا الجاهلية، ولك خطأ ركبه النساخ، والصواب أنه روى عن أعراب قد أدركوا أعراب الجاهلية". ولا حاجة بنا إلى الرد على هذا التخريج فقد ذكرنا ما فيه غناء.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 274