responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 92
والحب هو الذي يمس نفوسنا عندما نستمع إلى أناشيد لبنان، وفي هذا تختلف أناشيدنا في جملتها عن أناشيدهم. فنحن نصدر، إما عن زهو كقولنا: "بلادك يا مصر بلاد الأسود" أو نحن "زوابع من نار في قوة الإعصار، في عزمه الجبار، كنا على الدنيا فنا" "نحن السيوف المشروعات". وإما أن ندعو إلى حروب كحروب دون كيشوت نحو: "يا قاعد في دارك والعالم في نار، ما تحمل سلاحك وتحمي الديار" أو "يا فرحتي، في الحرب حاخدم أمتي" بلغتها المخنثة السمجة التي يصدعنا بها الراديو المصري المشئوم صباح مساء.
وإما أن نستلهم "خضرة" الشجاعة في لغة لا أعرف لثقلها مثيلا: "مين زيك عندي يا خضرة[1].. ما تجودي علي بنظرة.. وأنا رايح الميدان". وما إلى ذلك من استجداء لا يشعر بالحاجة إليه جندي حقيقي، يعرف أن البطولة الفذة ستجعل منه معقد أنظار "خضرات" الأرض جميعا، وما هكذا تكون الأناشيد وإنما تكون شعرًا، والشعر إحساس بجمال الوطن وحب لذلك الجمال. والأناشيد لا تحرك النفوس إلا بقدر ما فيها من تفاصيل حقيقية قادرة على استحضار صورة الوطن أمام الخيال. ثم التغني بتلك التفاصيل غناء مهموسا نافذا حارا، ومن هذا النوع "نشيد العروبة" الذي نريد أن نتحدث عنه.
عليك مني السلام ... يا أرض أجدادي
ففيك طاب المقام ... وطاب إنشادي
وهذان البيتان هما القرار الذي تردده الجوقة، وقوام الإحساس فيه ربط الوطن بمستقر الأجداد، ثم طيب المقام به ونشوة الانتماء إليه. وتأتي المقطوعة الأولى:
عشقت فيك السمر ... وبهجة النادي
عشقت ضوء القمر ... والكوكب الهادي
والليل لما اعتكر ... والنهر والوادي
والفجر لما انتشر ... بأرض أجدادي
وهذا شعر سهل قريب، ولكن تحس بلغة الحب تتقد بين مقاطعة، وكأن السمر وضوء القمر، والكوكب الهادي، والليل لما اعتكر، والنهر والوادي، والفجر لما انتشر ليست من الظواهر الشائعة بين البشر، بل شيء خاص، خاص بأرض أجدادي، يخيل إلَيَّ أن هذه الأشياء كلها غيرها في البقاع المغايرة للوطن الذي

[1] لقد بلغني أن المقصود بخضرة هنا هو "وادي النيل" ولكن متى عرفت الأناشيد المصرية الرموز!
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست