اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 191
كمها، فهل نستنتج من ذلك أن الشعر العربي كمي بمعنى أن كل تفعيل فيه يتكون من مقاطع مختلفة الكم بنسبة محدودة؟
ذلك ما رآه المستشرق أولد Ewald، فقد وضع للشعر العربي عروضا على غرار العروض اليوناني، وهو عروض مستقيم سهل الفهم مبسط عن عروضنا تبسيطا كبيرا، ولقد درسناه للطلبة بالجامعة فأجادوا فهمه، ويستطيع القارئ أن يجده في الجزء الثاني "من قواعد اللغة العربية" Arabic Gramar للسمتشرق المشهور ريت Right ولكننا مع ذلك لا نقر أولد ومن نحا نحوه من عامة المستشرقين في اكتفائهم برد العروض العربي إلى المقاطع الكمية كما هو الحال في العروض اليوناني واللاتيني؛ وذلك لأنهم لم يبصرونا بالإيقاع Rythme، فالكم -كما قلنا- لا يكفي لإدراك موسيقى الشعر؛ بل لا بد من الارتكاز الشعري الذي يقع على كل تفعيل ويعود في نفس الموضع على التفعيل التالي وهكذا. ولقد كان على نسب محدودة يوضح ذلك الإيقاع، وكذلك تتابع المقاطع المختلفة الكم.
والواقع أن الارتكاز في اللغة العربية موضوع شاق لا يزال في حاجة إلى البحث، نحن لا نظن أن المستشرقين يستطيعون بحثه؛ لأن معرفتهم باللغة مهما اتسعت لا يمكن أن تصل إلى الإحساس بمسائل موسيقية لغوية دقيقية كهذه، فهل مستطيعون نحن ذلك؟
ليسمح لي القارئ بأن أقول: إنني قد حاولت حل هذه الأشكال في بحث طويل كتبته باللغة الفرنسية بعد دراسة وتحليل لثلاثة أبحر من الشعر العربي بمعمل الأصوات بباريس، هي الطويل والبسيط والوافر[1].
ولنأخذ مثلا من هذه الدراسة بيت امرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي [1] هذا البحث لا يزال مخطوطا؛ لأن الحرب حالت دون نشره بأوربا ولا يستطيع نشره غير هيئة علمية لكثر السجلات الصوتية والرسوم فيه، ثم لخصوصية موضوعه.
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 191