اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 192
ولكن هذا الوزن لا يبصرنا بالحقيقتين الكبيرتين اللتين يقوم عليهما الشعر في جميع اللغات، وهما: الكم والإيقاع.
الكم mesure:
نقصد بالكم لا كم كل مقطع منفردا، فذلك ما سبق أن أوضحناه، بل كم التفاعيل، فنحن هنا أمام تفاعيل متجاوبة "التفعيل الأول يساوي الثالث والثاني يساوي الرابع"، ولكننا مع ذلك نسلم بجواز دخول زحافات وعلل، فكيف يستقيم الكم برغم هذه الزحافات والعلل التي تنقص من التفعيل في الغالب.
هذه المشكلة قد حيرت المستشرقين، ولقد حاول العالم الفرنسي جويار Guyard أن يحلها في كتاب له بعنوان Novelle theorie de ja metrique arabe وفيه يطبق مواضعات الموسيقى وأصولها على الشعر العربي، ولكنه لا يدخل في حسابه غير الحروف الصائتة كما يفعلون في الموسيقى، فيغطي تلك الحروف المختلفة بقيم متفاوتة من نقطة بيضاء إلى نقطة سوداء إلى كروش مزدوج ... إلخ. ومن البين أنه قد أخطأ لسوء الحظ بإهماله كم الحروف الصامتة العظيمة الأهمية في اللغة العربية واللغات السامية عامة كما أشرنا.
والذي اهتدينا إليه بحساب الآلات الدقيقة هو ما يأتي: "مقدرين كم كل تفعيل بأجزاء من مائة من الثانية".
وهذه نتائج غريبة نلاحظ عليها:
1- أن التفاعيل المزحفة كالتفعيل الخامس والسابع قد ساوى كمها في النطق مع كم التفاعيل الصحيحة بل زاد.
2- أن هناك فروقا بين التفاعيل المتساوية كالتفعيل الثاني والرابع والسادس والثامن.
وتفسير ذلك هو أولا: أن الفروق التي ظهرت في حساب الآلات لا تدركها الأذن؛ لأنه من الثابت أن الفرق الذي لا يزيد على 16/ 100 من الثانية لا تكاد تدركه الأذن، وإذن فهذه نستطيع إسقاطها.
ثانيا: وأما عن مساواة التفاعيل المزحفة للتفاعيل الصحيحة، فهذا يفسر بحقيقة مهمة تحدث عند إنشاد الشعر، وهي عبارة عن عمليات تعويض نقوم بها
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 192