اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 190
2- السبب الثاني هو أن اللغة العربية كغيرها من اللغات السامية تغلب فيها الحروف الصامتة فيما يرجح، وتلك الحروف يقع معها عادة الوقف؛ أي السكون. ولهذا لاح للخليل أن التتابع إنما يقع في الحركات والسكنات، بينما نجد في اللغة اليونانية أن الحروف الصائتة هي الغالبة، ولهذا لا نحس فيها بالسكنات الموجودة في اللغة العربية، بل نحس فوق كل شيء باختلاف كم الحروف الصائتة في تتابعها.
هذان السببان لا يجوز أن يحجبا عنا الحقيقة اللغوية التي تصدق على كل لغة؛ وهي أن المقطع هو وحدة الكلام. وفي اللغة العربية أربعة أنواع من المقاطع هي:
1- المقطع القصير المفتوح، وهو المكون من حرف صامت وحرف صائت طويل "ألف أو واو أو ياء - حروف اللين" مثل "كا" في كانت.
2- المقطع الطويل المزدوج، وهو المكون من حرف صامت وحرفين صائتين مثل بي bia في بيت مع احتفاظنا بالمناقشة العلمية التي تدور حول طبيعة الياء في هذا المقطع أهي صائتة أم صامتة؟
3- المقطع المغلق، وهو المكون من حرف صامت، ثم حركة فحرف صامت آخر نحو "تن" في بيتن. والحرف الصائت في هذا المقطع قصير دائما، فهذا قانون مهم من قوانين اللغة العربية وليس له استثناء إلا في حالات محصورة أهمها حالات الوقف على الاسم المنون مثل "نار" فهي تتكون في هذه الحالة من مقطع واحد مغلق حرفه الصائت طويل، وكذلك الوقف في حالتي التثنية والجمع مثل "محمدان ومحمدون" فالمقطع "دان" والمقطع "دون" كطل منهما حرفه الصائت طويل، وإذن فالقانون العام هو قصر الحرف الصائت في المقطع المغلق، فهل نعتبره مقطعا طويلا أم قصيرا؟ الواقع أنه مقطع طويل ويأتيه الطويل من الزمن الذي يستغرقه الحرفان الصامتان، فهذا الزمن لا بد من حسابه وإن لم يحسبه علماء العروض الإغريقي واللاتيني. ولقد أثبت البحث الحديث أنه من الواجب أن يحسب كم الحروف الصامتة في جميع اللغات ومن باب أولى في اللغات السامية حيث تغلب تلك الحروف. ثم إنه إذا كانت في جميع اللغات حروف آنية momentanees كحروف الانفجار "باء ودال مثلا"، فإن هناك حروفا متمادة continues كالسين واللام مثلا، فهذه من الممكن أن نمد في نطقها كما نشاء. وإذن فالمقطع المغلق نعتبره طويلا.
ونخلص من هذا إلى وجود مقاطع في اللغة العربية، وهذه المقاطع تختلف في
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 190