responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
في علم اللسان، وفيه يرد اللغة إلى عنصرين: "أ" مفردات" "ب" عوامل الصيغة Morphemes. والمفردات معروفة وهي كلفظة "رجل"، وأما عوامل الصيغة فيقصد بها إما ترتيب الكلمة في الجملة، وإما مقطع صوتي كالتنوين في "رجل"، وإما علامة الإعراب، وإما أداة نحوية كالألف واللام في "الرجل". فهذه العوامل هي التي تعطي اللفظة دلالتها التي نقصد إليها عند تفوهنا بالكملة؛ وذلك لأننا -كما يقول الجرجاني- لا ننطق بلفظة ما إلا لكي نخبر بها أو عنها بشيء، ومن ثم فحن ننطق بها مضافا إليها حتما عوامل الصيغة من ترتيب أو مقاطع صوتية خاصة. فالرفع لإفادة الإسناد، والألف واللام للتعريف، والابتداء لكذا وكذا، ونحن بعد لا نكتفي بلفظ واحد إلا أن يكون جوابا لسؤال أو اعتمادا في كلام سابق أو ملابسة راهنة، وإنما نقول "رجل" ثم نخبر عنه فنضيف "جاء" مثلا، ومن ثم تكون مفردات اللغة لا قيمة لها في ذاتها؛ لأنها لا تكتسب دلالتها المقصودة إلا بفضل عوامل الصيغة.
وإذن فمفردات اللغة ليست إلى رموزا لصور ذهنية محصلة من قبل، وهي لا تستخدم لذاتها بل لتقيم بفضل عوامل الصيغة التي تضيفها إليها طائفة من العلاقات بين الأشياء أو بين الأشياء والأحداث، وهنا ننتهي إلى ما أجملناه في قولنا: اللغة مجموعة من العلاقات لا مجموعة من الألفاظ.
عن هذا "العلم الشريف والأصل العظيم" فرَّع الجرجاني كل آرائه، وجمعها مسألتان؛ الأولى: إنكاره لما رآه الجاحظ من أهمية فصاحة الألفاظ باعتبار تلك الفصاحة صفة في اللفظ ذاته؛ ثم ثورته على مذهب العسكري الذي يرد جودة الكلام إلى محسنات لفظية تقف عند الشكل. الثانية: تعليقه جودة الكلام بخصائص في النظم: "واعلم أنه ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت ... هذا هو السبيل، فلست بواجد شيئا يرجع صوابه إن كان صوابا، وخطؤه إن كان خطأ إلى النظم، ويدخل تحت هذا الاسم إلا وهو معنى من معاني النحو قد أصيب به موضعه ووضع له، فلا ترى كلاما قد وصف بصحة نظم أو فساده، أو وصف بمزية أو فضل فيه إلا وأنت تجد مرجع تلك الصحة وذلك الفساد وتلك المزية وذلك الفضل إلى معاني النحو وأحكامه، ووجدته يدل في أصل من أصوله، ويتصل بباب من أبوابه.

اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست