responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 149
إليه في نفسه، ولكن ليعلم أنه المقصود من بين سائر الأشياء التي تراها وتبصرها؛ كذلك حكم اللفظ مع ما وضع له. ومن هذا الذي يشك أنا لم نعرف الرجل والفرس والضرب والقتل إلا من أساميها؟ لو كان ذلك مساغا في العقل لكان ينبغي إذا قيل زيد أن تعرف المسمى بهذا الاسم من غير أن تكون قد شاهدته أو ذكر لك بصفة ... وإذ قد عرفت هذه الجملة فاعلم أن معاني الكلام كلها معانٍ لا تتصور إلا فيما بين شيئين، والأصل والأول هو الخبر، وإذا أحكمت العلم بهذا المعنى فيه عرفته في الجميع، ومن الثابت في العقول والقائم في النفوس، أنه لا يكون خبر حتى يكون مخبر به ومخبر عنه، ومن ذلك امتنع أن يكون لك قصد إلى فعل من غير أن تريد إسناده إلى شيء. وكنت إذ قلت: اضرب، لم تستطع أن تريد منه معنى في نفسك من غير أن تريد الخبر به عن شيء مظهر أو مقدر، وكان لفظك به إذا أنت لم ترد ذلك وصوت تصوته سواء.
1- أن الألفاظ لم توضع كما أنها لا تستعمل لتعين الأشياء المتعينة بذواتها، وهذه هي نظرية الرمزية في اللغة التي أوضح المفكر الألماني فنت Wundt[1] حدودها؛ وذلك لأنه لدينا عن طريق تجاربنا المباشرة أو تجارب الغير صورة ذهنية لكل شيء ولكل حدث، وإنما نضع ألفاظ اللغة ونستعملها لنحرك هذه الصورة الذهنية الكامنة، فعندما نقول: "رجل" لا يمكن أن يثير هذا اللفظ في نفوسنا شيئا، ما لم يكن في ذهننا صورة الرجل، اللفظ رمز لها ومحرك.
2- ونحن لا نستخدم ذلك اللفظ لنحرك الصورة الذهنية تحريكا نريده لذاته، وإلا كنا مجانين، وإنما نفعل ذلك لأننا نعتزم أن نخبر عن "الرجل" بشيء ما، وهنا يلحق الجرجاني بأكبر مدرسة حديثة في تحليل اللغة، أعني مدرسة العالم السويسري الثبت رأس علم اللسان الحديث فردينانمد دي سوسير F. de Saussure[2] ثم اللغوي الفرنسي الذائع الصيت أنتوان مييه "A. Meillet" ولقد كتب هذا العالم الأخير فصلا[3] هاما عن منهج الدراسة

[1] بنوع خاص في كتاب ضخم "10 أجزاء" عن "نقسية الشعوب".
[2] راجع دروسه التي نشرها تلاميذه بعد موته بعنوان: "دروس في علم اللسان العام". ولعل هذا الكتاب أعمق ما كتب في ذلك العلم وأغناه وأوضحه.
Cours de linguistique generale 3 eme edition Paris -Payot 1931.
[3] هو أحد فصول مجموعة من المقالات الطويلة كتبها علماء مختلفون كل في مادته، ونشرت في مجلدين عند ألكان Alcain بعنوان "مناهج العلوم" De la methode dans les sciences وقد ترجمنا الفصلين الخاصين بـ"اللغة" و"الأدب" ونشرتهما دار العلم للملايين ببيروت في كتاب بعنوان "منهج البحث في الأدب واللغة".
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست