responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 350
وتحدث مذبحة الإسكندرية وتتوالى الأحداث، وهو دائمًا يوجه، ويثبت القلوب الخائفة، وحينما دارت الحرب لم يفقد أعصابه، وقد انتصر في موقعة كفر الدوار انتصارًا ساحقًا، وارتدَّ الإنجليز إلى الأسكندرية, فطاردهم الجيش إلى تفتيش "سيوف" وأوقع بيهم, بَيْدَ أنهم انتهكوا حرمة القناة، ولم يكن عرابي يقدر أنهم سيهاجمونه من الشرق، وقد طلب إليه أن يردم القناة، فخشي مغبة هذا العمل، وتألب الدول عليه، ثم يهزم عرابي في التل الكبير بسبب الخيانة التي دبت في صفوف الجيش, وقد حاول جهده أن يثبت الفارين, ولكنهم أبو الاستماع إليه، وفي ذلك يقول عرابي في مرارة وأسى: "دعوناهم للهجوم معنا فامتنعوا ودهشوا، فذكرناهم بحماية الدين والعرض والشرف والوطن, فلم يجد كل ذلك نفعًا، ولأن الرعب كان قد أخذ من قلوبهم كل مأخذ"[1].
محاكمة:
ويحاكم عرابي، فلم تلن قناته، ولم يجبن عن مصارحة المحكم بالحق، وعن الأسباب التي دعته للثورة، سألوه عن الماضي كله، لماذا قام بمظاهرة عابدين، ولماذا أحاط الجيش بالقصر فقال: "إن الأسباب التي دعت إلى ذلك هي عدم الأخذ بالعدل والمساواة في المعاملات، وشأن البلاد التي لم يكن فيها قوانين، ويقص عليهم بعض ما كان يلقاه المصريون من ظلمٍ وإجحافٍ وإهدارٍ للكرامة، ثم يقول: "فاجتمعت إذن أفكار الناس على أنه لا مخلِّصَ لهم من تلك المظالم إلّا وجود مجلس نيابي, من شأنه حفظ الأرواح والحقوق والأموال, مع قوانين عادلة تكفل لهم حقوقهم، فاجمعوا أمرهم على ذلك، ولخوفهم من البطش بهم أنابوني مع إخواني الضباط في عرض طلباتهم، ولكوننا إخوانهم وأبناؤهم، وهم أهلونا، يضرنا ما يضرهم، وينفعنا ما ينفعهم، وأن البلاد التي ليس بها مجلس نيابي يحفظ للأمة حقوقها في كافة ممالك الأرض, يحصل فيها أكثر من ذلك، بحيث يسفك فيها كثير من الدماء، وهذا لا يخفى على كل متذكر؛ لأن الحاكم المستبد لا يقبل الشورى بسهولة، فمن أجل ذلك الظلم, ولشمولنا مع أهلينا بحقوق واحدة, حصل ما تقدم ذكره بدون أن تفسك شعرة واحدة من رأس أي إنسان".

[1] مخطوط عرابي.
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست