اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 349
ويعود إلى القاهرة, ويقابله كثير من مراسلي الصحف الأجنبية, ويؤكد لهم عدم التعصب الديني، وأنه إنما يتحدث باسم الأمة، وأنه سيقاوم كل اعتداء أجنبيٍّ على البلاد، ثم يتولى وزارة الحربية, ويستقبله "بلنت" ويتحدث معه في مشروعات كثيرة يقوم بتنفيذها، وطالما فخر بها فيما بعد لورد كرومر، ويقول بلنت: "عزي للموظفين البريطانيين في عهد الاحتلال، وادعى لورد كرومر أنه مبتكر كثير منها, فمن ذلك: إلغاء السخرة التي كان يفرضها الباشاوات الترك على الفلاحين, واحتكار بيع الماء في مدة الفيضان، وحماية الفلاحين من المرابين واليونانيين، وإنشاء بنك زراعي تشرف عليه الحكومة، وهذا هو البنك الذي باهى به كثيرًا اللورد كرومر، وكذلك تنقاشنا في الإصلاحات القضائية, وفي نظم تربية الذكور والإناث، وفي طريقة الانتخاب للبرلمان الجديد وفي مسألة الرقيق"[1].
غدر وخيانة:
ولكن أنى الأمور أن تسير كما قدر عرابي؟ وكيف يمكن من الإصلاح، وينشر الوعي في البلاد، وينهض بمصر، والإنجليز والفرنسيون يريدونها متأخرة، بل يريدون اغتصابها، وامتصاص دمها، ولذلك أرسل مذكرة إلى توفيق بنفي عرابي, وإبعاد رفيقه, واستقالة الوزارة، وقد قبل توفيق المذكرة، واجتمع على أثر ذلك كثير من الضباط والنواب بمنزل سلطان باشا، وخطب فهيم عرابي، وأخذ يعدد مساوئ الخديو ومعايب أسلافه, وما جلبوه على البلاد وأهلها من المظالم والمغارم, وغير ذلك من أنواع البلايا والرزايا، واشتد الهرج فصاح عرابي: "ما بالكم لا تسمعون، وكأنكم خشب مسندة، وإن كنتم لا تنادون بخلعه، فنحن قد خلعناه، فصاح عند ذلك سائر العسكر قد خلعناه ثلاثًا"[2].
ويصل وفد من تركيا، ويحاول إغراء عرابي بالذهاب إليها فيرفض عرابي، وترفض الأمة ويقول لهم: "ليقل الناس ما يشاءون, فإني ولدت في بلاد الفراعنة، وستظل الأهرام الخالدة قبري"[3]. [1] التاريخ السري, ص154. [2] ميخائيل شاروبيم: الكافي, ج4 ص296. [3] التاريخ السري, ص432.
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 349