اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 351
ولما سئل عن خطبته في القدح والذم في توفيق والمناداة بخلعه، لم يتجللج لسانه، ولم ينكر ما حدث وقال "ما كان من الممكن قبول هذه اللائحة، ولو أدّى ذلك لخلعه, وكنت أنا وكل الناس على هذا الرأي"[1].
ويُحْكَم على عرابي بالسجن, ونراه في سجنه أشجع زملائه، ويردُّ بمقالٍ قويٍّ على اتهام الجوائب له ولزملائه بأنهم عصاة مارقون، وتنشر له جريدة "التيمس" رده هذا, وفي آخره يقول: "إننا كنا ندافع عن وطننا بطريقة تقرها شريعة الله والإنسان، وكل من يقول غير هذا كائنًا من كان, فهو عبد للهوى والمال.
يا دعاة الحق! أمن العدل أن يحرم أبناء الوطن من كل وظيفة، ويأخذ الأجانب أماكنهم، ومن حضر إلى مصر من الشراكسة والألبان والبلقان؟.. ولكننا سنجد بين حماة الإنسانية من يدافعون عن الحق في وجه طغيان هذا العهد الذي يسود منه وجه الإنسان"[2].
ونراه حين يجرد من ألقابه وأمواله يقول: "لا أعبأ بآلامي ولا بالسجن، ولا بالسباب ولا بأي شيء يوجه إلي بعد ذلك, ما دمت قد وقفت نفسي على حرية بلادي، ولا شيء يهمني الآن إلّا أن أنقذ بلادي من هذه الهوة المملوءة بالأفاعي السامة، وأن أنتشلهم من مخالب هذا التنين الفظيع.
وإني لا أعبأ بهذه الألقاب العارضة التي لم أكن أرغب فيها في أي وقت من الأوقات، وإني مكتفٍ بشرفي الشخصيّ الذي سوف يلازمني ما حييت، ويبقى بعدي إذا مت، وسوف يرضيني دائمًا أن أنادى بأحمد عرابي المصري فقط, وبغير ألقاب"[3].
ثم ينفى عرابي فما جزع حين ترك مصر، ولا تضعضع في المنفى، بل كان أهل سرنديب ينظرون إليه نظرة إكبار وإجلال, ويعده المسلمون هناك من زعماء الإسلام والأبطال، وكان يرد على الصحف المصرية والأجنبية التي تتهجم عليه [1] نصوص المحاكمة في مخطوط عرابي, وفي الجزء السابع من كتاب "مصر للمصريين". [2] أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه, ص506. [3] التاريخ السري, ص412.
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 351