اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 27
عند العشاء فقال إلى أين؟ فقلت أريد الجامع. فقال لي: أريد حمارك هذا أركبه إلى منزلي فركبه، وجلست في المسجد حتى عاد الحمار " [1] . وتسجيله لأخبار سيبويه يعو أيضاً إلى إعجابه بالتناقض في شخصيته وإلى " عقدة " ولدها سيبويه في نفس ابن زولاق، الرجل الوديع التقي، الذي لا يحب أن يغلظ لأحد في القول، ويدهشه أن يرى سيبويه يتطاول على الأمير والوزير وصاحب الخراج، وعلى ابن زولاق نفسه.
ولشخصيات " عقلاء المجانين " صلة واشجه بشخصية المتصرف أو " المجذوب ". غير أن الذين كتبوا في سيرة المتصوفة، اهتموا بالكرامات، وابتعدوا عن دائرة الواقع، الذي كان ابن زولاق يقترب منه أو يعيش فيه، ولذلك أصبحت سير المتصوفة " نماذج " ميتة لا سيرا عامرة بالحياة. ولا نخطئ كثيرا إذا لم نسمها سيرا لأنها متوجهة بكاملها إلى الابتعاد عن تصوير الحياة الإنسانية، من حيث هي معرض للضعف والقوة، والعجز والقدرة، والخطأ والصواب ... بينما القارئ لسيرة كسيرة سيبويه يجد شذوذا ولكنه شذوذ يثير الضحك والرثاء، والاهتمام بهذا النوع من الشخصيات أدخل في مجال السير شخصيات كوميدية هزلية، مثل سيبويه واشعب وأبي العبر وجحا وماني الموسوس. [1] أخبار سيبويه: 50.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 27