اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 25
وتتصل بهذه النزعة الأدبية تلك الحاجة الملحة إلى السمر، ولعلها من أقوى النزعات التي دفعت كتابة السيرة في اتجاه واضح. فكثير من السير ليس فيها الدافع اخلقي ولا فيها الدافع التاريخي، ولا هي عمل أدبي واضح، وإنما هي مجموعة من القصص والمغامرات، والرابطة فيها دورانها حول شخصية واحدة. ويتفاوت فيها عمل الخيال، ولكنها جميعاً مسلية تصاغ في أسلوب مبسط، ولا يرتفع فيها الحوار عن اللغة الدارجة إلا قليلاً. واعتقد أن كثيراً من سير المحبين مع حبيباتهم كان من هذا النوع. ولكن أبرزها سير الفريق الذي يعرف عادة باسم " عقلاء المجانين ". وهذه ناحية التفت إليها الإخباريون منذ عهد مبكر فكتب المدائني كتاباً في أخبار عقلاء المجانين، وسار على نهجه آخرون من المعنيين بالسير والأخبار [1] ومن أبرز الكتب التي وصلتنا في هذه الناحية سيرة " سيبويه المصري " لابن زولاق. وسيبويه هذا من ذلك النفر الواسع الثقافة الذي كان يعتريه طائف من جنون، ويولع به الناس ويغضبونه فيتدفق بكلام مسجوع لا تعدم أن تجد فيه الهجاء المتقن الجارح. أما ابن زولاق أبو محمد الحسن بن إبراهيم فإنه كان ذا عناية خاصة بالسير، ولم يقف نشاطه عند كتابة أخبار سيبويه بل كتب سيراً أخرى لحكام مصر، منها سيرة أحمد بن طولون وسيرة خمارويه وسيرة الأخشيد محمد بن طغج [1] انظر أخبار سيبويه المصري: 16.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 25