اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 23
جملة الشعراء وكن الثالث من الهمج المنشدين، فيفعل أبو عيسى؟ وهو بغدادي محكك قد شاخ على الخدائع وتحنك؟ وينشد فيقول له عند شعره في نفسه ووصفه بلسانه، ومدحه من تحبيره، أعد يا أبا عيسى، فإنك؟ والله؟ مجيد، زه أبا عيسى والله، قد صفا ذهنك وزادت قريحتك وتنقحت قوافيك، ليس هذا من الطراز الأول حين أنشدتنا في العيد الماضي؛ مجالسنا تخرج الناس وتهب لهم الذكاء وتزيد لهم الفطنة وتحول الكودن عتيقاً والمحمر جواداً، ثم لا يصرفه عن مجلسه إلا بجائزة سنية وعطية هنية ويغيظ الجماعة من الشعراء وغيرهم، لأنهم يعلمون إن أبا عيسى لا يقرض مصراعاً، ولا يزن بيتاً ولا يذوق عروضاً.... ".
وواضح إن ما في هذه القطعة من براعة إنما يقوم على التعليل والحوار، والتدقيق في رسم أجزاء الصورة، وفي ضروب من الإبهام بأن الكاتب ينقل الواقع ولا يعدوه. وإذا كان فيها من عيب فهو نظرتها إلى الإنسان في صورة ثابتة لا تطور فيها، وإنما يأتيها هذا العيب لأنها قطعة لا ترجمة كاملة. وهي تعلو في نظرنا بهذه المقدرة التصويرية إذا نحن قارناها بلون أدبي حاول كتاب التراجم أمثال الثعالبي والباخرزي والعماد الأصفهاني أن ينتهجوه، فأفسدوا الترجمة بالتكلف للبلاغة، ولنمثل على ذلك بقول الباخرزي يترجم لأبي الفضل الميكالي [1] : " لو قيل لي من أمير [1] دمية القصر: 122.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 23