اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 22
والرحمة، والناس كلهم محجمون عنه لجرأته وسلاطته واقتداره وبسطته. شديد العقاب، طفيف الثواب، طويل العتاب، بذيء اللسان، يعطي كثيراً قليلاً (أعني يعطي الكثير القليل) مغلوب بحرارة الرأس، سريع الغضب، بعيد الفيئة قريب الطيرة، حسود حقود حديد. وحسده وقف على أهل الفضل، وحقده سار إلى أهل الكفاية، أما الكتاب والمتصرفون فيخافون سطوته، وأما المنتجعون فيخافون جفوته. وقد قتل خلقاً وأهلك ناساً ونفى أمة، نخوة وتعنتاً وتجبراً وزهواً، وهو مع هذا يخدعه الصبي ويخلبه الغبي، لأن المدخل عليه واسع، والمأتى إليه سهل، وذلك بأن يقال: مولانا يتقدم بأن أعار شيئاً من كلامه، ورسائل منثوره ومنظومه. فما جبت الأرض إليه من فرغانة ومصر وتفليس. إلا لأستفيد من كلامه وأفصح به وأتعلم البلاغة منه. لكأنما رسائل مولانا سور قرآن، وفقره فيها آيات فرقان، واحتجابه من ابتدائها إلى انتهائها برهان فوق برهان، فسبحان من جمع العالم في واحد، وأبرز جميع قدرته في شخص. فيلين عند ذلك ويذوب ويلهى عن كل مهم له، وينسى كل فريضة عليه ويتقدم إلى الخازن بأن يخرج إليه رسائله مع الورق والورق، ويسهل له الإذن عليه والوصول إليه والتمكن من مجلسه، فهذا هذا.
ثم يعمل في أوقات كالعيد والفصل شعراً ويدفعه إلى أبي عيسى المنجم ويقول: قد نحلتك هذه القصيدة، امدحني بها في
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 22