اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 21
جملة، كان الواصف أصدق والصدق به أخلق " [1] وهذا كلام حقيق أن يجعل أساساً من الأسس الضرورية في كتابة السير.
غير أن أبا حيان كتب " مثالب الوزيرين "، وهو أقرب كتبه إلى السيرة الأدبية، لم يستطع أن يخنق صوت الحقد والغيظ في نفسه، وإذا كان قد حاول شيئاً من الإنصاف والاعتذار فقد أخفق في أن يمحو من الأذهان تحيزه السافر. وحين تحدث عن الصاحب في " الإمتاع "، رسم له صورة هي الغاية التي يطمح إليها كتاب السير، ومع أنها أعلق بباب الذم إلا أن سمة الإنصاف لائحة عليها. قال يصور جانباً من شخصية الصاحب: (2)
" قلت: إن الرجل كثير المحفوظ، حاضر الجواب، فصيح اللسان، قد نتف من كل أدب خفيف أشياء، وأخذ من كل فن أطرافاً. والغالب عليه كلام المتكلمين المعتزلة، وكتابته مهجنة بطرائفهم ومناظرته مشوبة بعبارة الكتاب، وهو شديد التعصب على أهل الحكمة والناظرين في أجزائها كالهندسة والطب والتنجيم والموسيقى والمنطق والعدد، وليس عنده بالجزء الإلهي خبر، ولا له فيه عين ولا أثر، وهو حسن القيام بالعروض والقوافي ويقول الشعر، وليس بذاك، وفي بديهته غزارة، وأما رويته فخوارة، وطالعه الجوزاء والشعرى قريبة منه، ويتشيع لمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية، ولا يرجع إلى الرقة والرأفة [1] الإمتاع 1: 53 - 54.
(2) الإمتاع 1: 54 وما بعدها.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 21