اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 16
غير أن السير المستقلة؟ وهي الموضوع الذي يهمنا في هذا المقام؟ تخلصت في وقت مبكر من أثر الإسناد، وهذا هو ما فعله ابن إسحاق في السيرة، ولذلك حل عليه غضب مدرسة المدينة يومئذٍ وعلى رأسها مالك بن أنس، فقد وسع ابن إسحاق المجال للشعر المنحول وغير المنحول، واتهمه النقاد بإنه أفسد الشعر وقبل في نطاق السيرة روايات عن أهل الكتاب وكان يسميهم أهل العلم الأول [1] . وحاول أن يتخلص من الإسناد، وبالجملة كان ابن إسحاق صورة للمؤرخ الذي يستطيع أن يتحلل من طبيعة القصص الجاهلي والأيام، فجاءت السيرة لوناً جديداً في التأليف، وأصبحت هي المصدر الأول عند المسلمين لفهم حياة الرسول وأعماله. ونستطيع أن ندرك قيمة ابن إسحاق في تاريخ السير عند المسلمين إذا نحن عرفنا أن ما كتب بعده لم يختلف كثيراً في جوهره عما كتبه. وقد تعد سيرة ابن إسحاق، والسيرة التي بنى منها ابن سعد الجزأين الأولين من كتاب الطبقات، ومغازي الواقدي، والسيرة التي كتبها البلاذري في أول كتابه " انساب الأشراف "؟ أساساً للمعلومات المقررة المقبولة عن حياة الرسول وأعماله، أما ما كتب بعد ذلك، فإنه كان في أكثره جمعاً لروايات مختلفة أو قبولاً لبعض الأساطير المتأخرة، وربما كان أيضاً شرحاً لبعض الألفاظ والمناسبات، أو نظماً لأحداث السيرة أو تلخيصاً لها. فقد كان كتاب [1] ابن النديم: 92.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 16