responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 232
المجاهد ببلائه وبطولته في سبيل فكرة الجهاد من أجل العقيدة التي يؤمن بها، ويتعدى ذلك إلى استشعار الشاعر وجدانًا جماعيًّا لجماعة المسلمين يصدر عنه في شعره، سواء تغنى به أو تغنى بفرديته كعضو في إطاره، ويشيع في هذا الموضوع كثير من معاني الفداء والإيمان بنصر الله للمؤمنين على أعدائهم الكافرين، كما يشيع فيه إخلاص للفكرة، ورفض لكل شيء من الدنيا يشغل عنها.
وقد قاسم الرجز الشعر هذه المعاني أيضًا، وتطور شعر الرثاء الجاهلي هو الآخر، من إشادة بالفقيد وكرمه وشرفه والجزع عليه إلى الإيمان بالموت ووجوبه والتسليم به، والصبر على قضاء الله، واستشعار ما أعد للمجاهدين والشهداء في سبيله من الأجر والثواب، فضلًا عن الإشادة ببطولة الشهيد، وما قدم في سبيل الله من تضحيات، وشارك الرجز في هذه المعاني ذاتها، وإن كان ذلك في صورة ضيقة؛ إذ إن نصوص الرجز في الرثاء قليلة جدًّا.
وإلى جانب هذين الموضوعين التقليديين استجدت موضوعات أخرى سجلها شعر الفتوح، وآثرنا أن نفردها وحدها؛ لأنها كانت نتيجة لاحتكاك الفاتحين ببيئات جديدة. وقبل أن نعرض لها نرى أن نعرض للون جديد من ألوان الرثاء استجد في الشعر الذي قيل في الفتوح، وهو لون طريف لم يعرفه الشعر العربي من قبل، ذلك أن بعض المجاهدين راحوا يرثون أعضاءهم وأشلاءهم التي فقدوها في المعارك في صورة رائعة، تمتلئ بالشجاعة والبسالة وإظهار الشدة والاحتمال والبأس، واحتساب هذه الأعضاء والفخر ببذلها في سبيل الله، والاستهانة بفقدها أمام ما أفقدت العدو من أرواح وأعضاء.
ومن بين هذه الصور الرائعة التي يصور فيها عبد الله بن سبرة الجرشي احتسابه يده عند الله، مشيدًا بما فعلته هذه اليد في سبيله، فقد قتلت أرطبون الروم، في مبارزة فقدت فيها يوم فلطاس فقال:
ويل أم جار غداة الروع فارقني ... أهون على به إذا بان فانقطعا
يمنى يدي غدت مني مفارقة ... لم أستطع يوم فلطاس لها تبعا
وما ضننت عليها أن أصاحبها ... ولقد حرصت على أن نستريح معا
وقائل غاب عن شأني وقائلة ... هلا اجتنبت عدو الله إذ صرعا
وكيف أتركه يسعى بمنصله ... نحوي وأعجز عنه بعدما وقعا

اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست