responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 233
ما كان ذلك يوم الروع من خلقي ... ولو تقارب مني الموت فاكتنعا
يمشي إلى مستميت مثله بطل ... حتى إذا أمكنا سيفيهما قطعا
حاسيته الموت حتى اشتف آخره ... فما استكان لما لاقى ولا جزعا
فإن يكن أرطبون الروم قطعها ... فقد تركت بها أوصاله قطعا
وإن يكن أرطبون الروم قطعها ... فإن فيها بحمد الله منتفعا
بنانتين وجرموزا أقيم بها ... صدر القناة إذا ما آنسوا فزعا1
فهو يرثي يديه، وكأنها إنسان عزيز فقده وفارقه، وقد حَرَصَ على أن يتبعها، ولكنه لم يستطع، لا ضنا بنفسه على الموت ولا جبنا، كهؤلاء الذين يلومونه على تعرضه للبطل الرومي، ويتمنون له أن يتجنبه، وهو يسعى بسيفه نحوه، فهل يعجز بعدما كان من بروزه ويرتد مذعورًا أمامه؟ وهل يليق هذا ببطل مثله؟ وأمكنا سيفيهما، وراح الشاعر يسقيه كأس الموت حتى آخره، وثبت البطل، ولم يجزع حتى صرع قرنه وفقد يده.
ولكن هذه اليد التي قُطعت قد قَطعت أوصال خصمه، وإن يكن خصمه قطعها، فإن لم يفسدها كلها، فقد بقيت فيها منافع، فله بنانتان وجرموز تمكنه من الحفاظ على المسلمين، حينما يأنسون جزعًا.
وبهذه الصورة الرائعة وأمثالها سجل الشعراء والرجاز رثاءهم لأعضائهم التي فقدوا، فهذا علباء بن جحش العجلي، يطعنه فارسي في بطنه فيبقرها ويخرج أمعاءه، فإذا به ثابت الجنان يدفع بأمعائه إلى بطنه، وهو يرتجز بكلماته الأخيرة:
أرجو بها من ربنا ثوابا ... قد كنت ممن أحسن الضرابا2
وهذا أخو بني كاهل، وقد قطع أحد فرسان العدو رجله، فراح يحتسبها عند الله، مستهينًا بها قائلًا:

1 الإصابة ج5، ص60، 92، الطبري ج5، ص2410.
2 الطبري ج5، ص2310.
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست