اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 145
ومد رواق الملك، وبسط باع العدل، وأطال عنان الإحسان. توفر على الأطراف فحرسها، وانتدب لآثار السوء فطمسها. لم يدع للباطل علماً إلا وضعه، ولا ركناً إلا ضعضعه. أذكى من نور الحق ما خبا، وأنهض من نوء العدل ما خوي، وحاط من حمى الخلافة ما وهن ووهى، ثقف قناة الصلاح فلا تناد، وقطع مواد الفساد فلا تعتاد. حقن الدماء، وساس الدهماء، وأقبل على مصلحة الكافة، وبسط المعدلة والرأفة. كم مهم كفاه، وداء فساد شفاه، وجناح ضلال حصه، ورائش خبال عمه بالنكال وخصه. قوي كاهل الدين وساعده، ومهد أساس الملك وقواعده. قد حصل له من جزيل الأجر، وجميل الذكر، ما لا تزال الرواة تدرسه، والتواريخ تحرسه. رفع الله بمعاليه أعلام الإسلام، ودفع بمساعيه صواعق الأيام. اجتث أصول الضلالة وفروعها، وحصد نجومها وزروعها، وأبطل الباطل، وأحق الحق، وأحل النقمة بمن فارق العصا وشق.
ما يختص من ذلك بالوزراء وأرباب الدولة وأوليائها
سافر رأيه وهو دان لم ينزح، وسار تدبيره وهو ثاو لم يبرح. النجاح مقصور على تدبيره، والصواب مقرون بإمضائه وتقديره، فما قدم فعن عجز أمر حدثه به صدره، وما أخر فلعزم حزم تحقق لديه قدره. ورث ذاك المقام بحكم الإستحقاق الزائد، لا الاتفاق المساعد، والإستئثار بالمحامد والمناقب، دون الإيثار بالهوى الغالب. سهل المتعذر، وذلل المتوعر، وأنال البعيد، وألان الشديد. هدى إلى إجهاد النفس في المصالح، ووقفها على سبيل المراشد والمناجح، واستيفاء الحق بأقصى الإستطاعة، وإعطاء له من غير إضاعة. هو بين صدع يشعب، وثأي يرأب، وشعث يلم، وشتات يجمع، وخرق يرقع، وذمام يؤكد، وعهد يؤيد، وثغر يسد، وعضد يشد، وعقير يؤسى، ومهجة تسحيى، وحشاشة تستبقى. هو بين نصح يؤثره، وجميل يؤثره. هو مدبر
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 145