اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 143
ضعف، وخشونة من غير عنف، على بلاد مملكته، من حسن سياسته. حرس تتبع المرقة بشهب الإرداء والإتواء، ورصد يعقب الفسقة برجوم الإبادة والإفناء. لا يدع الفساد يسري، وداء الضلال يستشري. قد عود في ممالكه الحياطة حتى لا يحل حرامها، ولا ينفذ سوامها، ولا تذعر جوانبها، ولا تدب عقاربها. قد بسط ظله على النهار حتى لا تشب نوائبه، وعلى الليل حتى ما تدب عقاربه. رعاها وهي ثغر يراع، وحماها وهي سرح يضاع، هو علم في العلم بالسياسة، وجامع مصلحة العامة إلى مصلحة الخاصة.
يمن النقيبة
قد عظم الله على الناس المن، وبسط بمكانه عليهم الإمن، وعرفهم بطلعته اليمن. أولياؤه منه بين ظل ممدود، ونجم مسعود. قد أهدى إلى البلاد أمنا، وقد خيم فيها الذعر، وأستحفظ على البلاد خيراً، وقد حوم عليها الشر. أيامه تشرق إشراق الصبح اللامع، وآثاره تضيء القمر الطالع. جرى مجرى الغيث إذا عم وطبق، وقرن الشمس إذا ذر وأشرق، حل محل الغيث عند اللذبة، والغوث عند الكربة. أفاض الخير ودواعيه، وحسم الشر وعواديه.
اتساع المملكة والإستظهار بالرجال وكثرة الأموال
قد أوجد الله ثروة من الذخائر والأموال، وكثرة من الرجال والأبطال، استظهاراً بكل ما أقام من دين الله أودا، أو هاض من عدوه جناحاً ويدا، قد ألقت إليه الدنيا أزمتها، وملكته الأرض أعنتها. قد وطأ الله له مهاد الملك، وأعطاه مفاتيح الأرض لانت له أخادع البلاد، صفت له الدنيا بحذافيرها، ودانت له الجيوش بجماهيرها. قد أعلى الله كلمته، ورفع حكمته، وأعلى يده وجنده، وجمع أسباب السعادة عنده، قد ملكه الله أقطار بلاده، ونواصي عباده، قد عود دولته ثبات الأركان، وتظاهر العز والسلطان، واستظهار الأنصار والأعوان.
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 143