responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 327
وكان علماؤنا يحرصون على أن تكون النفوس التي هي أوعية العلم الشريف نفوسا حرة شريفة، فكانوا يتخيرون شواهد العلوم من الشعر الذي يغلب عليه هذا الطابع الحي الحر، وكأنهم يثبتون من خلال الدراسة قيما جرت في علومنا ودمائنا وتاريخنا، حتى إنك لترها في تراثنا تجري في دم الخيل فهاتا، "حصان ماجد العرق"، وإنك لترى الثور الوحشي الذي تحيط به كلاب الصيد إذا حدثته نفسه بالهرب راجعه كبر، "فكر محمية من أن يفر"، ويثبت هذا الثور ذو الكبرياء في معمعان الدفع عن نفسه عرضه حتى الموت: "ولو شاء نجى نفسه الهرب"، بل إنك لترى حمار الوحش في الشعر: "معضضا"، أي عض من كل جانب في معمعة المدافعة عن كرامته وعرضه.
وهكذا أفرغ آباؤنا شرف النفس، وسموها وسموقها، ورفضها الهوان، والعبودية والذل أفرغوا ذلك، وأفضل من ذلك على ما حولهم حتى مطاياهم، فما بالنا الآن ترى العربي يضرب على أنف الغيرة، فلا يغضب؟!! ماذا حدث؟ لقد ربيت هذه الأجيال الضائعة على غير أصولها، وعروقها وغير علومها، وتاريخها وقيمها، وبقيت معلقة في الهواء تحتضن الوهم، وتكرع من كئوس مترعة بالسراب، ويجب أن تعود هذه النفوس التائهة إلى مستقرها حتى تعيش كبقية أمم الأرض في تاريخها، وقيما وأصولها الحضارية، وتغرس في علومها حتى يتغلغل ماؤها مرة ثانية في أصولها وفروعها، وتعرف كيف تدق باب الحرية الحمراء.
وللحرية الحمراء باب ... بكل يد مدرجة يدق
وأعود إلى الموضوع بعد هذه المراوحة اللازمة، وأقول: انظر قول محمد بن المولى ليزيد بن قبيصة بن المهلب، والي مصر في عهد أبي جعفر، وقد قصده الشاعر ومدحه، وأقام عنده طويلا: "من الوافر":
وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست