responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 326
قال": "من الطويل"
ويصغر في عيني تلادي إذا أنثنت ... يميني بإدراك الذي كنت طالبا
فإن تهدموا بالغدر داري فإنها ... تراث كريم لا يبالي العواقبا
ويقول:
إذا هم لم تردع عزيمة همه ... ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا
فيا لرزام رشحوا بي مقدما ... إلى الموت خواضا إليه الكتائبا
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا
قوله: إذا أنثنت يميني جاء فيه بإذن ليشعر أن ظفر مثله بحاجاته أمر متوقع.
وانظر إلى الصورة البديعة في قوله: انثنت يميني بإدراك الذي كنت طالبا، وقوله: "فإن تهدموا بالغدر داري"، جاء فيه بإن ليشير إلى أن هذا الذي وقع منكم ما كان ينبغي أن يكون إلا على سبيل الشك، والاحتمال النادر، فإن الرجل الذي يغسل عن نفسه عاره بسيفه، ويفتك بمن يناله في عرضه لا يجوز في شريعة الجد أن تهدم داره، الشاعر باستعمال كلمة إن، كأنه يرفض هذا الواقع؛ لأنه مناقض لما يجب أن تكون عليه أخلاق الرجال، وقوله: إذا هم لم تردع، جاء فيه بإذا ليشير إلى أنه ذو عزمات مواض، وأن همه لمواقف المروءة شيء كثير غالب، فحياته كلها همم وعزائم كريمة، وقوله: إذا هم ألقى بين عينيه عزمه يؤكد هذا المعنى، ويأتي بلون جديد، ففي البيت الأول ذكر أنه لا ينثني عن عزمه، من غير أن يشير إلى إنصباب نفسه صوب غاياته، وذكر في هذا البيت الانصباب، أو الانهماك في تحقيق غايته، فالعزم كأنه شيء تجسد، وأخذ مكانه بين عينيه، فلا يلتفت إلا إليه.
ولا شك أنك أيها القارئ الكريم -مثلي تحب كل أدب وكل شعر، وكل فكر يستنهض في النفس عزائمها، ويجلي جوهرها وفضائلها، ويستثير منها شيم الرجولة، وشمائل النفس الحرة، إننا جميعا نحب الشعر والأدب، والفكر الذي ينفر النفس من الخساسة والخزاية، والصغار والعبودية، والهوان.

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 326
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست