responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 205
لقوله: قد ظفرت بذلك معنى، وقد وقف عبد القاهر عند الاستئناف في هذه الجملة، والإشارة فيها وذكر أنه موضع الشاهد، والصنعة والمزية.
وهذا الاستعمال الذي يسجد المعنويات بواسطة هذه الخصوصية كثير جدًّا في الشعر والكلام الجيد، وسوف نشير إلى بعض صوره في القرآن، وهي أيضا كثيرًا جدًّا.
وخذ منها قوله تعالى على لسان المنكرين للبعث: {قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [1].
أشاروا إلى البعث وهو أمر معنوي كما ترى بقولهم: لقد وعدنا نحن، وآباؤنها هذا من قبل، فأفادوا بذلك أن القول بالبعث مما هو شائع في أجيالنا شيوعا كأنه به محدد منظور، ومع ذلك فنحن نرفضه كما رفضه آباؤنا، فكأنهم يوهمون
بذلك أن رفضهم كان بعد بحثه والنظر فيه، وتأمل قولهم بعد ذلك: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} ، تجد أنهم ميزوه وأبرزوه مرة ثانية في صورة محسوسة ليتقرر
الحكم عليه في زعمهم أنه أساطير الأولين، ثم إن هذا الحكم بأنه أساطير
الأولين كان كأنه نتيجة بحث ونظر.
وخذ قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [2].
والإشارة تفيد أن تقليب الليل، والنهار عبرة واضحة شاخصة، والبعد يفيد أنها مع وضوحها لا تهتدي بها، ولا تعرج إليها إلا النفوس المهيأة لوعي آيات الله في كونه، الإشارة إذن تضع آيات الله الكبرى في المنظور الحسي، ثم تستحث وعي الإنسان ليستشرفها، وهذا لا يخطئك في كثير من الآيات

[1] المؤمنون: 82-83.
[2] النور: 44.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست