responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 213
تكدير الإنسان بظلمة لصفاء الطبيعة، وتشويهه بعداوانه لكل ما فيها من بهاء وحسن.
ولكي يقنعنا المؤلف بهذه القضية بأسلوب فني؛ أطعلنا على موقف لبعض النماذج البشرية، التي تمثل قطاعات مهمة من قطاعات المجتمع، واختار عربة القطار مسرحًا لهذا الموقف، وما يدور به من حوار وتصرفات لهذه النماذج. فهناك شيخ وشركسي وعمدة وطالب وموظف، ولكل رأيه في قضية تعليم الفلاح والاهتمام بأمره، ولكل أيضًا تصرفاته وسماته، ومن خلال ما يدور بينهم من حديث، وما يبدو من كل منهم من أفعال، وما يتسم به من سمات؛ يصل المؤلف ويصل بنا أيضًا إلى ما يريد أن يقول. فالشركسي في عنجهيته وكبريائه، وأخذه ما ليس له دون أدنى مبادئ اللياقة، إنما هو نموذج الإقطاعيين الغاصبين في تلك السنين، والشيخ في غفلته وخموله، وفي آرائه المتخلفة وأحكامه المنافقة، إنما هو نموذج بعض رجال الدين، الذين كانوا في غفلة وتخلف، ومداهنة لذوي السلطان في تلك الأحايين، والعمدة في جهله وفظاظته وعدوانيته ليس إلا في نموذج صنائع الحكام، وذيول السلطة الغاشمة في هذه العهود السود، والأفندي في سطحيته، وسلبيته ليس إلا نموذج الموظفين اللامباليين، الراضين فهو في رهافة حسه، وإيجابيته، ورفضه وشجاعته؛ إنما هو نموذج الجيل الجديد، الذي يعقد عليه الأمل لمصر الناضلة.
ويلاحظ كذلك أن القصة قد أثارت العطف على الفلاحين، كما حركت السخرية من الإقطاعيين، وهي في الوقت نفسه قد نبهت إلى غفلة بعض رجال الدين وخطورة تخلفهم، وأشارت بأصبع الاتهام إلى رجال الإدارة في ذلك الحين، وما كانوا يرتكبون من جرائم القسوة والقهر مع أبناء الشعب الكادحين في الأرض الطيبة.
ويلاحظ بعد ذلك كله، أن القصة في جملتها قد جاءت باللغة الفصحى البسيطة، الخالية من التقعر ومن التنميق الأسلوبي معًا، وقد تخللها بعض ألفاظ

اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست