اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 212
فقال الأستاذ:
- بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ولا تعلموا أولاد السفلة العلم".
وعاد الأستاذ إلى خموله، وإطباق أجفانه مستسلمًا للذهول، فضحك التلميذ وهو يقول:
- حرام عليك يا أستاذ، إن بين الغني والفقير من هو على خلق عظيم، كما أن بينهم من هو في الدرك الأسفل.
فأفاق الأستاذ من غشيته، وقال:
- واحسرتاه إنكم من يوم ما تعلمتم الرطان، فسدت عليكم أخلاقكم، ونسيتم أوامر دينكم، ومنكم من تبجح وبغي واستكبر وأنكر وجود الخالق.
فصاح الشركسي والعمدة: "لك الله يا أستاذ" وقال الشركسي:
- كان الولد يخاف أن يأكل مع أبيه، والآن يشمته ويهم بصفعه.
وقال العمدة:
- كان الولد لا يرى وجه عمته، والآن يجالس امرأة أخيه.
"ووقف القطار في قليوب، فقرأت الجميع السلام وغادرتهم، وسرت في طريقي إلى الضيعة، وأنا لا أكاد أسمع دوي القطار وصفيره، وهو يعدو بين المروج الخضراء؛ لكثرة ما يصيح في أذني من صدى الحديث1".
ويلاحظ على هذه القصة أن المؤلف بدأها بمقدمة في وصف الطبيعة، وكآبة النفس برغم مناظر الطبيعة الخلابة، وفي تلك المقدمة يتضح تأثير المنفلوطي، وقد تبدو هذه المقدمة مقحمة أمام النظرة السريعة، بحيث يظن أن من الأفضل الاستغناء عنها، ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أن هذه المقدمة تخدم بناء القصة وتؤدي وظيفة حيوية فيها؛ فهي توحي بالمشكلة من أول سطور القصة، وهي مشكلة الأزمة التي يعانيها الكاتب من جزاء الظلم الاجتماعي الجاثم على صدر الفلاح، تلك الأزمة التي لا يفرجها ما للطبيعة من جمال وفتنة، أو هي مشكلة
1 ما تراه العيون لمحمود تيمور ص5 وما بعدها.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 212