اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 211
- الفلاح يا حضرة العمدة لا يذعن لأوامركم إلا بالضرب؛ لأنكم لم تعودوه غير ذلك، فلو كنتم أحسنتم صنيعكم معه لكنتم وجدتم فيه أخًا يتكاتف معكم ويعاونكم، ولكنكم -مع الأسف- أسأتم إليه، فعمد إلى الإضرار بكم تخلصًا من إساءتكم، وإنه ليدهشني أن تكون فلاحًا، وتنحي باللائمة على إخوانك الفلاحين.
فهز العمدة رأسه، ونظر إلى الشركسي، وقال:
- هذه نتائج التعليم.
فقال الشركسي:
- نام وقام فوجد نفسه قائم مقام.
أما الأفندي ذو الهندام الحسن، فإنه قهقه ضاحكًا وصفق بيديه، وقال للتمليذ:
- برافو يا أفندي، برافو، برافو.
ونظر إليه الشركسي، وقد انتفخت أوداجه، وتعسر عليه التنفس، وقال:
- ومن تكون أنت؟
- ابن الحظ والأنس يا أنس.
وقهقه عدة ضحكات متوالية.
"ولم يبق في قوس الشركسي منزع، فصاح وهو يبصق على الأرض طورًا، وعلى الأستاذ طورًا، وعلى حذاء العمدة تارة:
- أدبسيس فلاح.
ثم سكت وسكت الحاضرون، وأوشكت أن تهدأ العاصفة، لولا أن التفت العمدة إلى الأستاذ، وقال:
- أنت خير الحاكمين يا سيدنا، فاحكم لنا في هذه القضية.
فهز الأستاذ رأسه، وتنحح، وبصق على الأرض، وقال:
- وما هي القضية لأحكم فيها بإذن الله جل وعلا.
- هل التعليم أفيد للفلاح أم الضرب؟
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 211