اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 214
وتعبيرات من غير الفصحى، ألجأت إليها ضرورة رسم بعض الشخصيات بأبعادها، أو إنطاقها بما يلائمها؛ مثل: "أدبسيس" التي قالها الشركسي في رده على التلميذ. ومثل: "برافو" التي قالها الموظف في تعليقه على التمليذ أيضًا. والأولى من مكملات شخصية الشركسي، والثانية توحي بتعلق الموظف ببعض المظاهر الغربية، مما يؤكد سطحيته وتفاهته؛ وكانت هذه إحدى خصائص محمد تيمور اللغوية، حيث يستعمل أحيانًا اللفظية العامية أو الأمية حين لا تسعف الفصحى.
ومعظم القصص الأخرى التي تضمها مجموعة "ما تراه العيون"[1] تتفق مع هذه القصة في الخطوط الفنية العامة، وإن خالفتها في بعض التفاصيل، فهي قد سيطرت عليها روح النضال من أجل مجتمع مصري أفضل، ومن هنا نراها تعالج موضوعات اجتماعية مستنبطة من الحياة اليومية، وتصور شخوصًا من الناس العاديين، وخاصة من المظلومين طبقيًّا والمنكوبين اجتماعيًّا. كما نرى هذه القصص في جملتها تهتم برسم الشخصيات، وتقديم المضمون من خلال حوار الأبطال وتصرفاتهم، وما تؤول إليه الأحداث الدائرة بينهم، نرى ذلك في قصة "عطفة المنزل رقم22"، التي تحكي حكاية رجل مستهتر في سلوكه، مضيق على زوجته؛ يعربد ما شاء له شيطانه، على حين يحبس زوجته بين جدران البيت، وهو في ذلك مطمئن إلى أن عرضه مصون، وخاصة أنه ترك زوجته في حراسة أمه، وأمه كما يقول لصاحبه: "من النساء اللواتي لا تفلح معهن شدة ولا رجاء"، وكان هذا الصاحب رفيقًا للزوج في نزواته، ولكنه كان أعزب، وتكذب ظنون الزوج حين يفتح هذا الرفيق الأعزب عينيه مرة على إحدى ضحاياه، فإذا هي زوجة صديقة المطمئن وهمًا إلى أنه أحكم على زوجته الأبواب، وجعلها في حراسة أمه اليقظة[1]!!
ونرى ذلك أيضًا في قصة "صفارة العيد" التي تتحدث عن يتيم في يوم عيد، وهو يصارع الحرمان، ويتطلع في لهفة إلى شيء من اللهو، وبعض من [1] اقرأ القصة في: ما تراه العيون ص17 وما بعدها.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 214