اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 337
- 5 -
النقد وفكرة الإعجاز
لماذا وجد الباحثون في الأعجاز متكأهم لدى الجاحظ والآمدي
لم يكن النقد في مساقه العام موجهاً - كما أصبحت البلاغة موجهة - إلى خدمة فكرة الاعجاز، على نحو عامد، ولكن عدم انفصاله عن البلاغة كان من الطبيعي أن يقف به عند تلك الفكرة ذات يوم، أو يجعل وسائله صالحة للوقوف عندها. فقد أثار قدامة - دون أن يشير إلى القرآن - مسألة " نهاية الجودة " على نحو نظري، دون أن يستطيع الخوض في مراحل الجودة لدى التطبيق. ووضع ابن طباطبا نظرية " الصدق الذي يحقق الجمل " مستغلاً مختلف مدلولات الصدق في بناء نظريته، ولكنه لم يتنبه إلى " منتهى الصدق " المؤدي إلى " غاية الجمل "، لان تفكيره كان عالقاً بمصير الشعر المحدث، وكان من الممكن أن يتطور النقد حتى كان عالقاً بمصير الشعر المحدث. وكان من الممكن أن يتطور النقد حتى يتمرس بمشكلة الإعجاز، من هاتين الطريقين، فلم يفعل، لان الجاحظ كان قد سبق جميع النقاد إلى اعتبار النظم سر الإعجاز. ولهذا كانت أقرب النظريات النقدية التي يمكن أن تخدم البحث في الإعجاز هي نظرية الآمدي، ذلك أن هذا الناقد حين احتكم إلى ما سماه طريقة العرب، كان يهتدي بذوقه إلى أن حسن التأليف في شعر البحتري هو التزام بهذه الطريقة، فكأنه التقى مع الجاحظ في جعل جمال النظم مقياساً للشعر الجميل. وصادف أن كان في اتجاه الآمدي ثورة صريحة وخفية على الاتجاه إلى الفكر اليوناني في استنباط مقاييس نقدية تعرف بها مستويات الجودة، وكان الحزام العلمي
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 337