اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 335
وواقعاً حيث وقع من البخل، أن يقف على طلب خاتمه، والخاتم أيضاً ليس مما يخفى في الترب إذا طلب ولا يعسر وجوده إذا فتش " ثم قال: " وقد ذهب المحتجون عنه في الاعتذار له مذاهب لا أرضى أكثرها، وأقرب ما يقال في الإنصاف ما أقوله عن شاء الله تعالى: أقول عن التشبيه والتمثيل قد يقع تارة بالصورة وتارة بالصفة وأخرى بالحال والطريقة، فإذا قال الشاعر - وهو يريد إطالة وقوفه - إني اقف وقوف شحيح ضاع خاتمه لم يرد التسوية بين الوقوفين في القدر والزمان والصورة، وإنما يريد لأقفن وقوفاً زائداً على القدر المعتاد خارجاً عن حد الاعتدال، كما ان وقوف الشحيح يزيد على ما يعرف من أمثاله، وعلى ما جرت به العادة في إضرابه " [1] .
كتاب الوساطة يرمز إلى اكتمال القضايا النقدية
ذلك هو " الوساطة " مثل فذ على نزاهة الحكم، وقد أصبح لاعتداله مصدراً جامعاً لعيوب المتنبي ومحاسنه؛ ويبدو من حشد المؤلف لأهم الآراء النقدية السابقة أن القضايا النقدية الكبرى قد استدارت واكتملت؛ صحيح عن الجرجاني لم يتعرض لبعض القضايا الهامة مثل العلاقة بين اللفظ والمعنى، ولا استطاع أن يضع مقاييس إيجابية للجودة كالتي وضعها ابن طباطبا وقدامة، ولكن وقفته أمام القضايا التي عرض لها تدل على أن النقد العربي أصبح بحاجة إلى منافذ جديدة، فغن لم يستطع الاهتداء إليها أخذ يدور على نفسه.
لماذا لم يحل كتاب الوساطة المشكلات حول المتنبي
ومع أن الموازنة استطاعت - على نحو تقريبي - أن يختم الصراع حول أبي تمام والبحتري، فإن الوساطة عجزت عن أن تكون الجواب الشافي في موقف الخصوم والأنصار من المتنبي، وليس السر في الكتابين وإنما هو في الظروف، فبعد ظهور كتاب الآمدي ظهر المتنبي فشغل الناس عن المعركة الأولى وحول أنظار النقاد إلى معركة جديدة، ولكن لم يظهر بعد [1] الوساطة: 471.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 335