اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 334
مسرة في قلوب الطيب مفرقها ... وحسرة في قلوب البيض واليلب فعابه صديق الجرجاني بأنه جعل للطيب والبيض واليلب قلوباً، وهذه استعارة لم تجر على شبه قريب أو بعيد، فاستشهد الجرجاني بابن أحمر وقد جعل للريح لباً، وبتصوير الكميت للدهر متمعكاً متقلباً وأورد أبيات شاتم الدهر؛ وأخيراً مال إلى رأي صديقه لأن استعارة المتنبي ليس فيها أدنى علاقة بين الطيب والقلب، وعد أبيات شاتم الدهر - كما عدها الآمدي - نوعاً من الهزل. ولكنه غير يائس من تأويل كلام المتنبي بحيث يصبح المعنى: أن مباشرة مفرقها شرف، ومجاورته زين، والتحاسد يقع فيه فلو كان الطيب ذا قلب لسر به [1] ؛ وكأن موقفه من الاستعارة هنا شبيه بموقف قدامة.
دفاعه عما في معاني أبي الطيب
ومن أمثلة دفاعه عنه في عيوب المعنى تعليقه على البيت الذي عابه الصاحب، وهو:
بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها ... وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه فقد قال فيه الصاحب " هذا كلام من أرذل ما يقع لصبيان الشعراء وولدان الأدباء، واعجب من هذا هجومه على باب قد تداولته الألسنة وتناولته القرائح واعتورته الطباع بإساءة لا إساءة بعدها، سقوط لفظ وتهافت معنى، فليت شعري ما الذي أعجبه من هذا النظم وراقه من هذا السبك لولا اضطراب في النقد وإعجاب بالنفس " [2] .
أما القاضي فقد حكى قول المنتقدين: " قالوا أراد التناهي في إطالة الوقوف فبالغ في تقصيره، وكم عسى هذا الشحيح بالغاً ما بلغ من الشح، [1] انظر الوساطة 429 - 432. [2] انظر الوساطة 429 - 432.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 334