responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 333
التعاطف مع المحدث تمهيد لإنصاف المتنبي
وهذا حق، فليس في إمكان أحد أن يتهم الجرجاني في حرصه على العدالة ولكن هذا الذي يبدو وكأنه دفاع عن الشعر المحدث والشعراء المحدثين إنما هو تمهيد لإنصاف أبي الطيب. إذ ليست المسألة أن تحاول إقناع من يعم بالنقص كل محدث ولا يرى الشعر إلا القديم الجاهلي، فذلك امرؤ لا يؤمن بأبي الطيب مثلما أنه لا يؤمن بابي نواس وأبي تمام والبحتري؛ وإنما الخصم الذي لا بد من إقناعه هو الذي يقدم أبا تمام ومسلم بن الوليد والبحتري وابن الرومي " حتى إذا ذكرت أبا الطيب ببعض فضائله وأسميته في عداد من يقصر عن رتبته امتعض امتعاض الموتور، ونفر نفار المضيم، فغض طرفه، وثنى عطفه، وصعر خده، وأخذته العزة بالإثم وكأنما زوى بين عينيه عليك المحاجم) [1] ؛ ومثل هذا الراوي أو الناقد لا يمكن إقناعه إلا أن رضي أن يرى أبا الطيب واحداً من المحدثين، فإذا استطاع أن يحتل مركزه بينهم فلا باس من أن نستجلب عاطفة الناقد النافر عنه، بان نسلم له كل ما يورده من عيوب في شعر المتنبي (مقيسة إلى عيوب غيره) لنخرج في النهاية متفقين على أن المتنبي محدث يصيب ويخطئ وفي شعره ما يستحق الإعجاب. فإذا تجاوز الجرجاني هذه المرحلة للدفاع عن أبي الطيب لم يكد يفارق طريقته: كذلك وقف من إفراطه ومن غلوه في استعارته، ثم ناقش من يعيبونه في بعض الأخطاء النحوية وأخطاء المعاني مناقشة هادئة.
القاضي الجرجاني ونظرته إلى الاستعارة
ويستحق موقفه من الاستعارة بعض بيان، فهو يرى أن الشعراء كانت مقتصدة فيها حتى جاء أبو تمام فخرج إلى التجاوز وقلده أكثر المحدثين؛ وقد تجارى الجرجاني مع صديق له الحديث حول بعض استعارات أبي الطيب ومنها:

[1] الوساطة، 53.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست