اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 325
بأنه لا يسمح لنفسه ولا لغيره البت في الحكم بالسرقة، فربما قيل إن هذا الشاعر أخذ هذا المعنى من فلان، ولم يكن سمع بفلان هذا ولا معناه؛ وكان حقيقاً بهذين الناقدين الكبيرين ان يطرحا هذا الموضوع من أبواب النقد، ولكنهما انساقا وراء العرف الجاري، وما كانا يدركان أن السرقة ستصبح على يد ابن وكيع والعميدي وأضرابهما هي المحك الأكبر الذي يرتفع به الشاعر أو يسقط.
ولهذا الانسياق وراء العرف وجدنا القاضي الجرجاني يجعل الاهتداء إلى السرقة وتمييز صنوفها من عمل جهابذة الكلام ونقاد الشعر الذين يستطيعون (أن يميزوا بين السرق والغصب والإغارة والاختلاس والإلمام والملاحظة، والمشترك الذي لا يجوز ادعاء السرق فيه، والمبتذل الذي ليس أحد أولى به، وبين المختص الذي حازه المبتدئ فملكه، وأحياه السابق فاقتطعه، فصار المعتدي مختلساً سارقاً والمشارك له محتذياً تابعاً؟ " [1] .
فأما المعاني المشتركة التي لا تجوز نسبة السرق إلى صاحبها فمثل التشبيهات المتداولة المبتذلة كتشبيه الجواد بالغيث والبحر والبليد البطيء بالحجر والحمار، ومثل ما كثر تداول من تشبيهات القدماء كتشبيه الطلل المحيل بالخط الدارس. والظعن المتحملة بالنخل، وعلى هذا فالمشترك نوعان: [1] نوع عام يعرفه كل إنسان معرفة بديهة (2) ونوع عم بعد تخصيص، سبق إليه شاعر قديم (كتشبيه آثار الدار بالخط الدارس) ثم كثر تداوله نفسه بلفظ أعذب من لفظ، وترتيب احسن من ترتيب، وزيادة اهتدى إليها واحد دون الآخر، فيقع التفاضل حتى في هذه المعاني.
وقد يكون السرق باجتماع اللفظ والمعنى ونقل البيت أو المصراع وهذا [1] الوساطة: 183.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 325