اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 326
قد يسمى غصباً، وليس البحث عنه مما يميز الناقد، كما انه لا يميزه اقتصاره على رؤية السرقة الواضحة مثل قول لبيد:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن ترد الودائع وقول الافوه:
إنما نعمة قوم متعة ... وحياة المرء ثوب مستعار وإنما يحتاج الناقد إلى الفطنة إذا تفنن الشاعر في السرقة فنقل معنى من النسيب إلى الفخر وعدل عن الوزن والقافية إلى وزن آخر وقافية أخرى، كقول بشار:
خلقت على ما في غير مخير ... هواي ولو خيرت كنت المهذبا وقول أبي تمام:
فلو صورت نفسك لم تردها ... على ما فيك من كرم الطباع والناقد البصير هو الذي يردك حيلة الشاعر في قلب المعنى ونقضه " هذا باب يحتاج إلى إنعام الفكر وشدة البحث وحسن النظر والتحرز من الإقدام قبل التبين والحكم غلا بعد الثقة، وقد يذهب منه الواضح الجلي على من لم يكن مرتاضاً بالصناعة متدرباً بالنقد " [1] ؛ فإذا كان الكشف عن السرق الخفي جزءاً هاماً من عمل الناقد البصير فلم حظر الجرجاني على نفسه وغيره البت في امره؟ ليس في موقفه تناقض، ولكنه يستبشع نسبة السرقة إلى شخص - من الناحية الأخلاقية - فهو قاض متحرج لا يستطيع أن يصدر الحكم إلا إذا تواترت الأدلة وترادفت؛ ولذلك يرى أن يكتفي بالقول: " قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان فقال كذا، فأغتنم به فضيلة الصدق [1] الوساطة: 208؛ وانظر البحث في السرقة 183 - 208.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 326