اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 324
حشدها ابن عمار وابن أبي طاهر وغيرهما. وقد صنع الجرجاني صنيعه فتعقب ما أخرجه أحمد بن أبي طاهر وابن عمار من سرقات أبي تمام وما تتبعه بشر بن يحيى على البحتري ومهلهل بن يموت على أبي نواس، واستخرج من دعاواهم أشياء مضحكة حقاً، لان الشبه فيها عارض أو لفظي أو لأنه لا شبه بين السارق والمسروق إطلاقا [1] ، وقرر ما قرره الآمدي نفسه وما قرره غير الآمدي من أن " السرق - أيدل الله - داء قديم وعيب عتيق وما زال الشاعر يستعين بخاطر الآخر ويستمد من قريحته ويعتمد على معناه ولفظه، وكان أكثره ظاهراً كالتوارد الذي صدرنا بذكره الكلام وإن تجاوز ذلك قليلاً في الغموض لم يكن فيه غير اختلاف الألفاظ، ثم تسبب المحدثون إلى إخفائه بالنقل والقلب وتغيير المنهاج والترتيب؟ " [2] ويميل الجرجاني إلى الاعتذار عن المتأخرين لأن المتقدمين استغرقوا المعاني: " ومتى أجهد أحدنا نفسه وأعمل فكره وأتعب خاطره وذهنه في تحصيل معنى يظنه غريباً مبتدعاً ونظم بيت يحسبه فرداً مخترعاً ثم تصفح عنه الدواوين لم يخطئه ان يجده بعينه أو يجد له مثالاً يغض من حسنه. ولهذا السبب اخطر على نفسي ولا أرى لغيري بت الحكم على الشاعر بالسرقة " [3] . وقد تعرض الجرجاني لهذه القضية في موضع آخر وهو يدافع عن الشاعر المحدث: " فإن وافق بعض ما قيل أو أجتاز منه بأبعد طرف قيل: سرق بيت فلان، وأغار على قول فلان، ولعل ذلك البيت لم يقرع قط سمعه، ولا مر بخلده، كأن التوارد عندهم ممتنع، واتفاق الهواجس غير ممكن! " [4] . لقد أوحى الآمدي بأنه يكره الحديث في السرقة لأنه لا يراها - وكذلك من قبله من العلماء - عيباً كبيراً على الشاعر؛ وها هو الجرجاني يرقى إلى القول [1] الوساطة 209 - 215. [2] الوساطة: 214. [3] الوساطة: 215. [4] الوساطة: 52.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 324