responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 318
موقف الناقد من الإفراط
كذلك ليس للناقد أن يعيب إقبال المحدثين على الإفراط، لا لأن له وحسب رسوماً إذا لم يتجاوزها الشاعر جمع بين القصد والاستيفاء بل لأن المحدثين يقاسون على ما فعله الأقدمون، فقد رويت عنهم أشعار فيها الإفراط والغلو لو تصدى أحد لجمعها لوصفت بالكثرة ثم " وجد من بعدهم سبيلاً مسلوكاً وطريقاً موطأ فقصدوا وجاروا واقتصدوا وأسرفوا، وطلب المتأخر الزيادة واشتاق إلى الفضل فتجاوز غاية الأول؟ " [1] . ولا يغيبن عن البال أن هذه المقايسة لا تعني قبول الخطأ، وإنما يراد منها التوصل إلى الإقرار بان ذلك الخطأ ظاهرة مشتركة موجودة في كل العصور وعند كل الشعراء: " ولسنا نذهب بما نذكره في هذا الباب مذهب الاحتجاج والتحسين، ولا نقصد به قصد العذر والتسويغ، وإنما نقول إنه عيب مشترك وذنب مقتسم فإن احتمل فللكل وإن رد فعلي الجميع؛ وإنما حظ أبي الطيب فيه حظ واحد من عرض الشعراء، وموقعه منه موقع رجل من المحدثين " [2] .
مزالق المقايسة وأخطارها
وقد تكون المقايسة ذات غناء كبير في الوصول إلى الحق وإنصاف شاعر مظلوم، اعني أنها قد تنفع في استنزال المتطرفين عن تطرفهم، ولكنها تنطوي على مزالق وأخطار، منها التعميم: فإن امرأ القيس إذا قال " فاليوم اشرب " - بتسكين الباء - لم يكن قوله في زمنه ليعد خطأ، وإنما هو خطا بنسبة ما اقتضاه وضع قواعد النحو بحسب الأغلب من بعد، وكذلك قل في جميع الأمثلة التي أوردها الجرجاني في باب الخطأ اللفظي؛ أما المتنبي فإنه يتعلم اللغة التي حددتها القواعد بعد هذه المرحلة التاريخية، فخطوه

[1] الوساطة: 433 وانظر ص 420 - 428.
[2] الوساطة: 428.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست