اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 317
وعملياً. أما في الآراء والنظرات النقدية فإن الجرجاني لم يأت بشيء جديد، وإنما التقت عنده أكثر الآراء والنظرات السابقة فأحسن استغلالها في التطبيق والعرض.
المقايسة هي المنهج المفضل لا الموازنة
ومثلما كانت " الموازنة " هي مهمة الناقد الكبرى عند الآمدي، كانت " المقايسة " هي المبدأ الكبير في نقد الجرجاني؛ فالناقد الذي يتحرى الإنصاف قبل أن يفرد عيوب شاعر أو حسناته بالتمييز عليه أن يقيسه على ما كان في تاريخ الشعر والشعراء، فلا يستهجن خطأه في اللفظ لأنه قلما تجد شاعراً سلم من هذا الخطأ، ولا يستنكر خطأه في المعنى فكم عدد العلماء من صنوف هذا الخطأ في شعر الأقدمين [1] ، ولا يسقطه بسبب التفاوت في شعره، ولينظر إلى أكابر الشعراء مثل أبي نواس وأبي تمام، وليحكم هل خلا شعرهم من تفاوت [2] .
موقف الجرجاني من العلاقة بين الدين والشعر
وعلى الناقد أن لا يعيبه بسبب العقيدة الدينية " فلو كانت الديانة عاراً على الشعر، وكان سوء الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر لوجب أن يمحي اسم أبي نواس من الدواوين ويحذف ذكره إذا عدت الطبقات، ولكان أولاهم بذلك أهل الجاهلية ومن تشهد الأمة عليه بالكفر، ولوجب أن يكون كعب بن زهير وأبن الزبعري وأظرابهما ممن تناول الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجاء وعاب من أصحابه بكماً خرساً وبكاء مفجمين، ولكن الأمرين متباينان، والدين بمعزل عن الشعر " [3] ، وهذا الفصل بين الدين والشعر موجود من عهد بعيد في تاريخ النقد العربي، ولكن الجرجاني قد وضعه بشكل واضح لا يتحمل لبساً. [1] الوساطة: 4 - 15. [2] الوساطة: 55 - 81. [3] الوساطة: 64.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 317