responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 174
نشأة الآمدي التأثرية وأثرها في نقده
وليس السبب في هذا صعوبة التعليل واعتماد الآمدي على حكم " الطبيعة " الذي يبيح للناقد أن يبدي رأيه فيما لا يمكن تعليله، ولا هو وليد ضحالة بسبب ضعف الثقافة الفلسفية، وإنما هو نتيجة النشأة التأثرية، فيما أقدر، فقد بدأ الآمدي منذ سنة 317 يحاول اختيار الجيد من شعر الطائيين، وكان ذوقه قد حدد وجهته في أخذ ما يأخذه وطرح ما لا يستسيغه، وفي هذه المرحلة يكون الإعجاب شيئاً لا يعلل، ويظل هذا الإعجاب هو المحرك الكبير دون أن يهتدي الناقد إلى إدراك الأسس الجمالية في الشيء الجميل، وقد عاشت هذه التأثرية مع الآمدي، حين شاء أن يكون ناقداً موضوعياً، وظلت تلاحقه بآثارها القديمة، ولذلك كان كثيراً ما يضيق ذرعاً بالموضوعية المتزمتة ويثور ذوقه عليها، ويستسلم إلى تعليقات تأثرية فيها الكثير من الإسراف في الحمل على المشاهد وفيها التجني وفيها إلى ذلك طرافة ساخرة، وإليك أمثلة منها:
1 - قال أبو تمام: " مهاة النقا لولا الشوى والمآبض "، فقال الآمدي: يقول: أنت مهاة النقا لولا قوائمها فإنها ليست كقوائمك وكذلك المآبض. وفي البقر أشياء أخر ليست في الناس منها القرون والأذناب وسائر خلقها؟ الخ [1] .
2 - وقال أبو تمام في الغزل: " ملطومة بالورد " يريد حمرة خدها: فلم لم يقل مصفوعة بالقار ويريد سواد شعرها، ومخبوطة بالشحم يريد امتلاء جسمها، ومضروبة بالقطن يريد بياضها؛ إن هذا لأحمق ما يكون من اللفظ وأسخفه وأوسخه [2] .

[1] الموازنة 2: 10.
[2] الموازنة 2: 94.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست